فمرة حكموا لغير المنصوص بأن المنصوص يدل على أن حكمه كحكمه ومرة حكموا بأن المنصوص يدل على أن حكمه ليس كحكمه فليت شعري كيف يمكن أن يكون خطابان يردان بالحكم في اسمين فيفهم من أحدهم أن غير الذي ذكر مثل الذي ذكر ويفهم من الآخر أن غير الذي ذكر بخلاف الذي ذكر وهذا ضد ما فهم من الأول وتالله ما خلق الله تعالى عقلا يقوم فيه هذا إلا عقل من غالط نفسه فتوهم ما لا يصح بدعوى لا
يعجز عن مثلها أحد بلا دليل وكل من لم يبال بما قال يقدر أن يدعي أنه فهم من هذا اللفظ غير ما يعطي ذلك اللفظ
قال أبو محمد وأما أكياسهم فإنهم سموا القسم الأول قياسا وسموا الثاني دليل الخطاب فقد رأوا إذ فرقوا بين معنى واحد باسمين أنهم قد سلموا بذلك من التناقض وهم من التورط فيه بمنزلة من سمى كل ذلك دليل الخطاب ولا فرق ونحن نسألهم من كلامهم فنقول لهم ما الفرق بينكم إذ قالت طائفة منكم إن ذكر السائمة يدل على أن غير السائمة بخلاف السائمة وقالت طائفة أخرى بل ذكر السائمة إلا على أن غير السائمة موافق لحكم السائمة ما الفرق بينكم وبين من عكس عليكم قولكم إن قول الله تعالى {ومن أهل لكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قآئما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في لأميين سبيل ويقولون على الله لكذب وهم يعلمون} إن ذكر القنطار يدل على أن ما عدا القنطار مثل القنطار فقال بل ما يدل ذكر القنطار إلا على أن ما عدا القنطار بخلاف القنطار فقد يفزع الخائن من خيانته إذا كانت كثيرة وقد يحتقر اليسير فلا يخونه فهلا جعلتم القنطار ههنا حدا للكثير كما جعلت طوائف منكم ذكره صلى الله عليه وسلم المائتي درهم في وجوب الزكاة فيها دليلا على أن العشرين دينارا كثير فلا يحلف عند المنبر أحد في أقل منها وأن ما دونها قليل فلا يحلف فيها إلا في مجلس الحاكم وجعلت طوائف أخر منكم