وادعوا أن جماعة من أهل اللغة منهم المبرد وثعلب قالوا بذلك قال أبو محمد أما إدخال هذا الباب في اللغة فتمويه ضعيف وإيهام ساقط لأن اللغة إنما يحتاج فيها إلى أربابها في معرفة الحروف المجموعة التي تقوم منها الكلمات وأن يخبرونا على ماذا تركبت من المسميات فقط وأما معرفة هل يدخل في حكم الخبر عن الاسم ما قد أقروا لنا أنه ليس يقع عليه ذلك الاسم أو لا يدخل في حكمه فليس هذا في قوة علم اللغة ولا من شروطها إنما يظن هذا من اختلطت عليه العلوم ولم تبلغ قوته أن يفرق بينها وهذا أمر موجود في طبائع العرب والعجم وحتى لو صح ذلك عن ثعلب وعن المبرد وعن الأصمعي وخلف معهم لكان قولهم مع قول جميع أهل اللغة أولهم عن آخرهم بلا خلاف منهم بل قول أهل كل لغة للناس من عرب وعجم إن اسم حجر لا يفهم منه فرس
وإن اسم جمل لا يفهم منه كلب وإن من قال ركبت اليوم سفينة أنه لا يفهم منه أنه ركب أيضا حمارا أو أنه لم
يركبه وأن من قال أكلت خبزا أنه لا يفهم منه أكل لحما مع الخبز أم لم يأكله ولكان في شهادة العقول كلها باتفاقها على صحة ما ذكرنا كغاية في إبطال قول من قال بخلاف ذلك كائنا من كان ومبين صدق من قال إنما عدا الخبر المخبر به موقوف على دليله قال أبو محمد واعترض بعضهم بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في الاستغفار لمن مات من المنافقين لأزيدن على السبعين فقال هذا القائل في هذا دليل على أن ما عدا السبعين يغفر لهم به ولا بد قال أبو محمد وهذا خطأ من وجهين أحدهما أن ذلك دعوى بلا دليل ولو قطع صلى الله عليه وسلم بذلك لكان حقا ولكنه لم يقطع على ذلك وأنه لما يئس من المغفرة لهم بالسبعين رجا بالزيادة وهذا الحديث من أعظم حجة عليهم