قيل له وبالله تعالى التوفيق هذا على ظاهره ونعم لا إيمان أصلا لمن لا أمانة له ولا يجوز أن نخص بذلك أمانة دون أمانة والإسلام هو الأمانة التي عرضها الله تعالى على السماوات والأرض وقبول الشرائع فمن عدم هذه الأمانة التي هي بعض الأمانات فلا إيمان له ومن قيل فيه لا أمانة له فهو محمول على كل أمانة لا على بعضها دون بعض وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه فكذلك نقول إن الفعل المذموم منه ليس إيمانا لأن الإيمان هو جميع الطاعات والمعصية إذا فعلها فليس فعله إياها إيمانا فإذا لم يفعل الإيمان فلم يؤمن يعني في تركه ذلك الفعل خاصة وإن كان مؤمنا بفعله للطاعات في سائر أفعاله وقد بينا هذا في كتاب الفصل والإيمان هو الطاعات كلها وليس التوحيد وحده إيمانا فقط فمعنى لا إيمان له أي لا طاعة وكذلك إذا عصى فلم يطع وإذا لم يطع فلم يؤمن وليس يلزمنا أنه إذا لم يؤمن في بعض أحواله أنه كفر ولا أنه لا يؤمن في سائرها لكن إذا لم يطع فلم يؤمن في الشيء الذي عصى به وآمن فيما أطاع فيه فإن قال أنه يلزمكم بهذا أن تقولوا إنه مؤمن لا مؤمن قلنا نعم هو مؤمن بما آمن به غير مؤمن فيما لم يؤمن به وهذا شيء يعلم ضرورة ولم نقل إنه مؤمن لا مؤمن على الإطلاق وهكذا يلزم خصومنا في مسيء ومحسن ولا فرق فإن قلتم من أحسن في جهة وأساء في أخرى فهو مسيء عاص فيما أساء فيه ومحسن طائع فيما أحسن فيه أفترى يلزمكم من هذا أن تقولوا هو عاص طائع ومحسن
مسيء على الإطلاق ونحن لا نأبى هذا إذا كان من وجهين مختلفين ولا نعيب به أحدا