يبتاعه بكل ما يملك إن لم يبع منه بأقل قال أبو محمد ولعل من حجة أصحابنا أن يقولوا إن قوله تعالى {يا أيها لذين آمنوا إذا قمتم إلى لصلاة فغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى لمرافق ومسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى لكعبين وإن كنتم جنبا فطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من لغائط أو لامستم لنسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا طيبا فمسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد لله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} يقتضي بعموم هذا اللفظ واجده بالابتياع والاستيهاب كما يقول القائل أمر كذا موجود في السوق فيقولوا إن واجده بالابتياع والاستيهاب واجد للماء قال أبو محمد وأما نحن فلا يجوز عندنا بيع الماء البتة بوجه من الوجوه ولا بحال من الأحوال لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء فهذا عندنا على عمومه وقولنا هذا هو قول إياس بن عبد الله المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره فلا يجوز ابتياع الماء للوضوء البتة ولا للغسل لأنه منهي عن ابتياعه وهو غير واجد
للماء فحكمه التيمم إلا أن يتطوع عليه صاحب الماء بأن يهبه إياه فذلك جائز وهو حينئذ واجد للماء مالك له ففرضه التطهر به وأما من اضطر إلى شرب الماء وخشي الهلاك من العطش ولم يجد من يتطوع له بماء يحيي به رمقه ففرض عليه إحياء نفسه كيف أمكن بغلبة أو بأخذه سرا مختفيا بذلك أو بابتياعه فإذا لم يقدر على غير البيع فابتاعه فهو حينئذ جائز له والثمن حرام على البائع وهو باق على ملك المبتاع المضطر وهو بمنزلة من اضطر إلى ميتة أو لحم خنزير فلم يجده مع ذلك إلا بثمن ففرض عليه أن يبتاعه لإحياء نفسه
وكذلك ما يبذل من المال في فدى الأسرى وفي الرشوة لدفع المظلمة فهذا كله باب واحد وهو مباح للمعطي وحرام على الآخذ لأن المعطي مضطر والآخذ آكل مال بالباطل عاص لله تعالى نعوذ بالله ثم نعكس عليهم اعتراضهم هذا فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق إن كان هذا عندهم قياسا فيلزمهم أن يقولوا بقول الحسن في ابتياع الماء بكل ما يملك لأنه واجد له فلا يسعه التيمم مع وجود الماء كما يقولون فيمن لم يجد رقبة