للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه ولا مدخل للحكم في شيء من ذلك لشيء لم يذكر اسمه في الشريعة بالحكم في شيء ذكر فيها اسمه فعارضوا بأن قالوا العبور هو الجواز والتجاوز من شيء إلى شيء تقول عبرت النهر قالوا والقياس تجاوز شيء منصوص إلى شيء لا نص فيه قال أبو محمد هذا من المكابرة القبيحة لأن هذا من الأسماء المشتركة التي هي مثل ضرب من ضراب الجمل وهو سفادة الناقة وضرب بمعنى الإيلام بإيقاع جسم على جسم المضروب بشدة والضرب العمل وهكذا عبرت الرؤيا فسرتها وعبرت النهر أي تجاوزته فهذان معنيان مختلفان ليس أحدهما من الآخر في ورد ولا صدر ومصدر عبرت النهر إنما هو العبور ومصدر عبرت الرؤيا إنما هو العبارة ومصدر اعتبرت في الشيء إذا فكرت فيه الاعتبار والعبرة الاسم والعبرة والاستعبار التأهب للبكاء والأخذ فيه والعبرى نبات يكون على شطوط الأنهار والعبرانية لغة بني إسرائيل والعبير ضرب من الطيب فإذا قلنا إن معنى عبرت النهر إنما هو تجاوزته ومعنى عبرت الرؤيا إنما هو فسرتها فقد وضح أن هذا غير هذان ولو أن المعبر للرؤيا تجاوزها لما كان مبينا لها بل يكون تاركا لها آخذا في غيرها كما فعل عابر النهر إذا تجاوزه إلى البر والاعتبار أيضا معنى ثالث غير هذين بلا شك فخلط هؤلاء القوم وأتوا بالسفسطة المجردة وهو أن يأتي بألفاظ مشتركة تقع على معاني شتى فيخلط بها على الناس ليوهم أهل العقل أشياء تخرجهم عن نور الحق إلى ظلمة الباطل وقد حذر الأوائل من هذا الباب جدا وأخبروا أنه أقوى الأسباب في دخول الآفات على الأفهام وفي إفساد الحقائق وقد نبهنا نحن عليه في مواضع كثيرة من كتابنا هذا ومن سائر كتبنا وقد بينا ذلك في كتاب التقريب ولم نبق فيه غاية وبالله تعالى التوفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>