بقول الله تعالى واصفا لأمر آدم عليه السلام إذ تكشفت عورته عند أكل الشجرة فقال تعالى {فدلاهما بغرور فلما ذاقا لشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق لجنة وناداهما ربهمآ ألم أنهكما عن تلكما لشجرة وأقل لكمآ إن لشيطآن لكما عدو مبين}
قال أبو محمد إنما شرطنا أن نتكلم فيما يعقل وأما الهذيان فلسنا منه في شيء ولا ندري وجه القياس في تغطية آدم عورته بورق الجنة وليت شعري لو قال لهم خصمهم مجاوبا لهم بهذا الهذيان إن هذه حجة في إبطال القياس بماذا كانوا ينفكون منه وهل كان يكون بينه وبينهم فرق واحتجوا أيضا بقول الله تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه السلام إذ قال {إن لله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما لذين آمنوا فيعلمون أنه لحق من ربهم وأما لذين كفروا فيقولون ماذآ أراد لله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا لفاسقين}
قال أبو محمد وهذه كالتي قبلها وما يعقل أحد من إحياء الله عز وجل الطير قياسا ولا أنه يوجب أن يكون الأرز بالأرز متفاضلا حراما وأن الاحتجاج بمثل هذا مما ينبغي المسلم أن يخاف الله عز وجل فيه وما بين هذا وبين من احتج في إثبات القياس وفي إبطاله بقول الله تعالى {قل أعوذ برب لناس} فرق ولكن من لم يبال بما تكلم سهلت عليه الفضائح وليس العار عارا عند من يقلده واحتجوا بقول الله تعالى {مثل ما ينفقون في هذه لحياة لدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم لله ولكن أنفسهم يظلمون} وبقوله تعالى {كأنهن لياقوت ولمرجان} قال أبو محمد وهذا من نحو ما أوردناه آنفا من العجائب المدهشة بينما نحن في تحريم شيء لم يذكر تحريمه في القرآن والسنة ولا في الإجماع من أجل شبهه لشيء آخر حرم في النص حتى خرجنا إلى تشبيه الحور العين بالياقوت والمرجان فكل ذي عقل يدري أن الياقوت والمرجان يباع ويدق ويسرق ويخرج من البحر الملح وأنه لا يعقل ولا هو حيوان أفترى الحور العين يفعل بهن هذا كله تعالى الله عن ذلك وقد علم كل مسلم أن الحور العين عاقلات أحياء ناطقات يوطأن ويأكلن ويشربن فهل الياقوت