وقد وافقنا المعتزلة وكل من يخالفنا في هذا المكان على أن خبر النبيصلى الله عليه وسلم في الشريعة لا يجوز فيه الكذب ولا الوهم لقيام الدليل على ذلك وقال أصحاب القياس إن إجماع الأمة على القياس معصوم من الخطأ بخلاف إجماع سائر الملل لقيام دليل ادعوه في ذلك وكما أجمعتم معنا على القطع ببراءة عائشة رضي الله عنها وخروج ما قذفت به عن الإمكان لقيام البرهان بذلك عند جميعكم وعندنا وقد ادعى الروافد منكم هذا في خبر الإمام فإن وجدنا نحن برهانا على أن خبر الواحد المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الشريعة لا يجوز عليه الكذب ولا الوهم فقد صح قولنا وقولهم في أن خبر النبي صلى الله عليه وسلم في الشريعة لا يجوز عليه الكذب والوهم وإن لم نجد برهانا على ذلك فهو قولهم وقد صح البرهان بذلك ولله الحمد على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأما قول ابن كيسان فباطل لأنه دعوى بلا دليل بل الواجب حينئذ البحث عن الخبر الواهي والمنسوخ حتى يعرف فيجتنب وإلا فالعمل واجب لأن الأصل وجوب العمل بالسنن حتى يصح فيها بطلان أو نسخ وإلا فهي على البراءة من النسخ ومن الكذب والوهم حتى يصح في الخبر شيء من ذلك فيترك لقول الله تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه
إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} ولقوله تعالى {تبعوا مآ أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليآء قليلا ما تذكرون} ولقوله تعالى {بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
وقد علمنا أن في القرآن آيات منسوخة بلا شك لقوله تعالى {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن لله على كل شيء قدير} وقد اختلف العلماء فيها فطائفة قالت في آية إنها منسوخة وطائفة قالت ليست منسوخة بل هي محكمة فما قال مسلم قط لا ابن كيسان ولا غيره إن الواجب التوقف عن العمل بشيء من القرآن من أجل ذلك وخوفا أن يعمل بمنسوخ لا يحل العمل به بل