للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ظن أن بين القياس وبين قول علي نسبة فإنما هو مكابر للعيان لأن القياس إنما هو تحريم أو إيجاب أو إباحة في شيء غير منصوص تشبيها له بشيء منصوص وليس في هذه القضية تحريم ولا إيجاب ولا تحليل وبالله تعالى التوفيق وأما قول ابن عباس للخوارج إذ أنكروا تحكيم الحكمين يوم صفين إن الله تعالى أمر بالتحكيم بين الزوجين وفي أرنب قيمتها ربع درهم فإن هذا الخبر حدثناه أحمد بن محمد الجسور ثنا وهب بن مسرة ثنا محمد بن وضاح ثنا عبد السلام بن سعيد التنوخي ثنا سحنون ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عمن حدثه عن ابن عباس قال أرسلني علي إلى الحرورية لأكلمهم فلما قالوا لا حكم إلا لله قلت أجل صدقتم لا حكم إلا لله وإن الله قد حكم في رجل وامرأته وحكم في قتل الصيد فالحكم في رجل وامرأته والصيد أفضل

أو الحكم في الأمة يرجع بها ويحقن دماؤها ولم شعثها قال أبو محمد وهذا لا يصح البتة لأنه عمن لم يسم ولا يدري من هو ثم هبك أنه أصح من كل صحيح وأننا شهدنا ابن عباس يقول ذلك فإنه ليس من القياس من ورد ولا صدر بل هو نص جلي ومعاذ الله أن يظن ذو عقل بأن عليا ومعاوية ومن معهما من الصحابة حكموا في النظر للمسلمين قياسا على التحكيم في الأرنب وبين الزوجين فما يظن هذا إلا مجنون البتة

وهل تحكيم الحكمين إلا نص قول الله عز وجل {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} فنص تعالى على أن كل تنازع في شيء من الدين فإن الواجب فيه تحكيم كتاب الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والتنازع بين علي ومعاوية لا يجهله من له أقل معرفة في الأخبار ففرض عليهما تحكيم القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>