للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلية لاستوى العالم والجاهل في فهمها ولو كانت كلها خفية لم يكن لأحد سبيل إلى فهمها ولا إلى علم شيء منها قالوا فوجب بذلك ضرورة أن نستعمل القياس من الجلي على معرفة الخفي قال أبو محمد وهذه مقدمة فاسدة والأحكام كلها جلية في ذاتها لأن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} ولا يحل لمسلم أن يعتقد أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالبيان في جميع الدين فلم يفعل ولا بين وهذا ما لا يجوز لمسلم أن يخطره بباله فإذ لا شك في هذا ونوقن أنه صلى الله عليه وسلم قد بين الدين كله فالدين كله بين وجميع أحكام الشريعة الإسلامية كلها جلية واضحة وقد قال عمر رضي الله عنه تركتم على الواضحة ليلها كنهارها أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا وقال أيضا رضي الله عنه سننت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض إلا أن يضل رجل عن عمد قال أبو محمد إلا أن من الناس من لا يفهم بعض الألفاظ الواردة في القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم لشغل بال أو غفلة أو نحو ذلك وليس عدم هذا الإنسان فهم ما خفي عليه بمانع أن يفهمه غيره من الناس وهذا أمر مشاهد يقينا وهكذا عرض لعمر رضي الله عنه إذا لم يفهم آية الكلالة وفهمها غيره وقال عمر رضي الله عنه اللهم من فهمته إياها فلم يفهمها عمر وقال ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي بشيء ما أغلظ لي فيها إلى أن طعن بأصبعه في صدري وقال لحفصة ما أراه يفهمها أبدا أو كما قال صلى الله عليه وسلم فصح ما قلناه يقينا وأخبر صلى الله عليه وسلم أن آية الصيف كافية الفهم وأن عمر لم يفهمها ليس لأنها غير كافية بل هي كافية بينة ولكن لم ييسر لفهمها

<<  <  ج: ص:  >  >>