ويسقط في هذه ما أوجب في تلك ويوجب في هذه ويحل فيها ما أسقط في تلك وما حرم إلى أن نص الله تعالى أنه لا تبدل هذه الملة أبدا فصح أن من شبه الطبائع التي تعلم بالحس والعقل بالشرائع التي لا تعلم إلا بالنص لا مدخل للعقل ولا للحس في تحريم شيء منها ولا في إيجاب فرض منها إلا بعد ورود النص بذلك فهو غافل جاهل ولو احتج بهذا يهودي لا يرى النسخ لكان هذا الاحتجاج أشبه بقوله منه بقول أصحاب القياس وأما الموت فهو حكم كل جسم مركب من العناصر إلى نفس حية فقد رتب الله تعالى في العالم هذا اصطحابهما مدة ثم افتراقهما ورجوع كل عنصر إلى عنصره وليس هذا قياسا يوجب موت أهل الجنة
والنار فبطل تمويههم وبالله تعالى التوفيق وقالوا القياس فائدة زائدة على النص قال أبو محمد لا فائدة في الزيادة على ما أمر الله تعالى به ولا في النقص منه بل كل ذلك بلية ومهلكة وتعد لحدود الله تعالى وظلم وافتراء وبالله تعالى نعوذ من ذلك ولا أعظم جرما ممن يقر على نفسه أنه يزيد على النص الذي أذن الله به ولم يأذن في تعديه وبالله تعالى نعوذ من الخذلان
واحتج بعضهم فقال لمن سلف من أصحابنا فقهكم في اتباع الظاهر يشبه فعل الغلام الذي قال له سيده هات الطست والإبريق فأتاه بهما ولا ماء في الإبريق فقال له وأين الماء لم تأمرني وإنما أمرتني بطست وإبريق فهاهما وأنا لا أفعل إلا ما أمرتني قال أبو محمد فقال لهم وبالله تعالى التوفيق بل فقهكم أنتم يشبه فعل المذكور على الحقيقة إذ قال له سيده إذا أمرتك بأمر فافعله