عندكم صفات التحريم وصفات التحليل فإن قالوا نغلب التحريم احتياطا قلنا لهم ولم لا تغلبوا التحليل تيسيرا لقول الله تعالى {شهر رمضان لذي أنزل فيه لقرآن هدى للناس وبينات من لهدى ولفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد لله بكم ليسر ولا يريد بكم لعسر ولتكملوا لعدة ولتكبروا لله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} وإن قالوا نغلب التحليل قيل لهم وهلا غلبتم التحريم ولقول الله تعالى {كتب عليكم لقتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ولله يعلم وأنتم لا تعلمون} فظهر بطلان قولهم وفساده وبالجملة فليس تغليب أحد الوجهين أولى من الآخر وقد قال تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم لكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على لله لكذب إن لذين يفترون على لله لكذب لا يفلحون} فنص تعالى على أن كل محرم
ومحلل بغير نص من الله تعالى فهو كاذب ومفتر وبالله تعالى التوفيق وأيضا فلو كانت صفة شبه التحريم توجب التحريم وصفة شبه التحليل توجب التحليل لما وجد كلا الأمرين في شيء واحد البتة لأنه كان يجب من ذلك أن يكون الشيء حراما حلالا معا وهذا حمق محال فصح أن الشبه لا يوجب تحريما ولا تحليلا كثرت الأوصاف بذلك أو قلت
وقد أقدم بعضهم فقال إن الله تعالى قال {يسألونك عن لخمر ولميسر قل فيهمآ إثم كبير ومنافع للناس وإثمهمآ أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل لعفو كذلك يبين لله لكم لآيات لعلكم تتفكرون} قالوا غلب تعالى الإثم فحرمها قال أبو محمد هذا من الجرأة على القول على الله تعالى بغير علم وهذا يوجب إن الله تعالى اعترضه في الخمر والميسر أصلان أحدهما المنافع والثاني الإثم فغلب الإثم هذا هو نص كلامهم وظاهره ومقتضاه وليت شعري من رتب هذا الإثم في الخمر والميسر وقد كانا برهة قبل التحريم حلالين لا إثم فيهما وقد شربها أفاضل الصحابة رضي الله عنهم وأهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتنادم الصالحون عليها أزيد من ستة عشر عاما في الأصل صح ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وحمزة وأبي عبيدة بن الجراح وسهيل بن بيضاء وأبي بن كعب وأبي دجانة وأبي طلحة