وهو مع ذلك قول لا يمكن أحد أن يقوله لأنه لا قياس إلا على أصل يرد ذلك الفرع إليه ولا أصل إلا نص أو إجماع فصح على قولهم أن القياس إنما هو مردود إلى النص
وإن قالوا فيما لم ينص عليه فقلنا وبالله تعالى التوفيق قال الله تعالى {حرمت عليكم لميتة ولدم ولحم لخنزير ومآ أهل لغير لله به ولمنخنقة ولموقوذة ولمتردية ولنطيحة ومآ أكل لسبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على لنصب وأن تستقسموا بلأزلام ذلكم فسق ليوم يئس لذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم لأسلام دينا فمن ضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم} وقال تعالى {وما من دآبة في لأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في لكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} وقال تعالى {بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع اللهم هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا قاسم بن أصبغ ثنا الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مرة الهمداني قال قال عبد الله بن مسعود من أراد العلم فليثر القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين هكذا رويناه عن مسروق والزهري أنه ليس شيء اختلف فيه إلا وهو في القرآن فصح بنص القرآن أنه لا شيء من الدين وجميع أحكامه إلا وقد نص عليه فلا حاجة بأحد إلى القياس فإن قالوا إنما نقيس النوازل من الفروع على الأصول قال أبو محمد وهذا لأنه ليس في الدين إلا واجب أو حرام أو مباح ولا سبيل إلى قسم رابع البتة فأي هذه أصل وأي هذه فرع فبطل قولهم وصح أن أحكام الدين كلها أصول لا فرع فيها وكلها منصوص عليه فلما اختلف الناس قط إلا في الأصول كالوضوء والصلاة والزكاة والحج والحرام من البيوع والحلال منها وعقود النكاح والطلاق وما أشبه ذلك فإن قالوا لسنا ننكر أن الله تعالى لم يفرط في الكتاب من شيء ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين ولكن النص والبيان ينقسم قسمين أحدهما نص على الشيء باسمه والثاني نص عليها
بالدلالة وهذا هو الذي نسميه قياسا وهو التنبيه على علة الحكم فحيثما وجدت تلك العلة حكم بها