للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا لما وجدنا العصير حلو لا يسمى خمرا وهو حلال ثم حدثت فيه الشدة فسمي خمرا فحرم ثم ارتفعت الشدة فلم يسم خمرا لكن سمي خلا علمنا أن العلة المحرمة والتي حرم من أجلها والتي من أجلها سمي خمرا هي الشدة قال أبو محمد هذا كلام فاسد في غاية الفساد فأول ذلك أن يقال لهم في أي عقل وجدتم أن كون الشدة فيه أوجبت أن يسمى بالخاء والميم والراء ولكن لا بد لكل عين فيها صفات مخالفة لصفات عين أخرى أن يوقع على كل واحد منها اسم غير اسم العين الأخرى ليقع التفاهم فيها بين المخاطبين فعلق على ما فيه الشدة اسم ما وعلى ما لا شدة فيه اسم آخر لا لشيء إلا ليفهم الناس مراد من كلمهم وخاطبهم وكذلك موجود في العالم وإلا ما ضاقت اللغة عن تسميته أو عجز أهلها عن ذلك أو لم يرد الله تعالى أن يكون له في هذه اللغة اسم وأيضا فإن اللغة العربية أول من نطق بها إسماعيل والخمر أقدم من كون إسماعيل في الأرض لأنهما من الأشياء التي علم آدم أسماءها قال تعالى {وعلم آدم لأسمآء كلها ثم عرضهم على لملائكة فقال أنبئوني بأسمآء هؤلاء إن كنتم صادقين} فعم تعالى ولم يخص فقد كانت الخمر على حالها من الإسكار والشدة وهي حلال وهي لا تسمى خمرا فقد كذب هذا القائل وأثم وأيضا فإن الخمر تسمى في كل لغة بغير اسم الخمر عندنا فما وجدنا ألسنتهم تلتوي لذلك ولا أحكامهم تنطوي ولا الخمر حلت لهم لأجل أن اسمها عندهم في اللغة العربية ولم نجد قط تلك العين المسماة خمرا إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>