للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولسنا ننكر وجود أسباب لبعض أحكام الشريعة بل نثبتها ونقول بها لكنا نقول إنها لا تكون أسبابا إلا حيث جعلها الله تعالى أسبابا ولا يحل أن يتعدى بها المواضع التي نص فيها على أنها أسباب لما جعلت أسبابا له وقد بينا كثيرا من ذلك في أول هذا الباب قال أبو محمد ومن عجائب هؤلاء القوم أنهم لو قيل لهم تعمدوا الباطل ما قدروا على أكثر مما فعلوا ومن ذلك أنهم أتوا إلى حكم لم ينص الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم على أن له سببا وهو تحريم البر بالبر متفاضلا فجعلوا له سببا وعلة وحرموا من أجله الحديد بالحديد متفاضلا وبيع الأرز بالأرز متفاضلا وبيع السقيمونيا بالسقمونيا متفاضلا ثم أتوا إلى حكم جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا وأخبر أنه حكم بذلك من أجله فعصوه وأطرحوه وهو قوله صلى الله عليه وسلم إنه نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث لأجل الدافة فقالوا ليست الدافة سببا ولا يجب من أجلها ترك ادخار لحوم الأضاحي وهكذا يكون عكس الحقائق وبالله تعالى نعوذ من الخذلان قال أبو محمد فإن قال قائل أنتم تنكرون القول بالعلل وتقولون بالأسباب فما الفرق بين الأمرين فالجواب وبالله تعالى التوفيق أن الفرق بين العلة وبين السبب وبين العلامة وبين الغرض فروق ظاهرة لائحة واضحة وكلها صحيح في بابه وكلها لا يوجب تعليلا في الشريعة ولا حكما بالقياس أصلا فنقول وبالله تعالى التوفيق إن العلة هي اسم لكل صفة توجب أمرا ما إيجابا ضروريا والعلة لا تفارق المعلول البتة ككون النار علة الإحراق والثلج علة التبريد الذي لا يوجد أحدهما دون الثاني أصلا وليس أحدهما قبل الثاني أصلا ولا بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>