من أن الشرائع شرعها الله تعالى لعلل أوجبت عليها أن يشرعها أو إلى الفرية على الله تعالى في الإدعاء أنه شرع عللا لم ينص عليها هو تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أذنا بها ولا بد لأهل العلل من أحد هذين السبيلين وكلاهما مهلك ولسنا ننكر أن يكون الله تعالى جعل بعض الأشياء سببا لبعض ما شرع من الشرائع بل نقر بذلك ونثبته حيث جاء به في النص كقوله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس جرما في الإسلام من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته وكما جعل تعالى كفر الكافر وموته كافرا سببا إلى خلوده في نار جهنم والموت على الإيمان سببا لدخول الجنة وكما جعل السرقة بصفة ما سببا للقطع والقذف بصفة ما سببا للجلد والوطء بصفة ما للجلد والرجم وكما نقر بهذه الأسباب المنصوص عليها فكذلك ننكر أن يدعي أحد سببا حيث لم ينص عليه ولسنا نقول إن الشرائع كلها لأسباب بل نقول ليس منها شيء لسبب إلا ما نص منها أنه لسبب وما عدا ذلك فإنما هو شيء أراده الله تعالى الذي يفعل ما شاء ولا نحرم ولا نحلل ولا نزيد ولا ننقص ولا نقول إلا ما قال ربنا عز وجل ونبينا صلى الله عليه وسلم ولا نتعد ما قالا ولا نترك شيئا منه وهذا هو الدين المحض الذي لا يحل لأحد خلافه ولا اعتقاده سواء وبالله تعالى التوفيق وقد قال الله تعالى واصفا لنفسه {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} فأخبر تعالى بالفرق بيننا وبينه وأن أفعاله لا يجزىء فيها لم وإذا لم يحل لنا أن نسأله عن شيء من أحكامه تعالى وأفعاله لم كان هذا فقد بطلت الأسباب جملة وسقطت العلل البتة
إلا ما نص الله تعالى عليه أنه فعل أمرا كذا لأجل كذا وهذا أيضا مما يسأل عنه فلا يحل لأحد أن يقول لم