يعتبر بها المعتبرون وفي بعضها أن يدخل الجنة من شاء إدخاله فيها وأن يدخل النار من شاء إدخاله فيها وكل ما ذكرنا من غرضه تعالى في الاعتبار ومن إدخاله الجنة من شاء ومن إدخاله النار من شاء وتسبيبه ما شاء لما شاء فكل ذلك أفعال من أفعاله وأحكام من أحكامه لا سبب لها أصلا ولا غرض له فيها البتة غير ظهورها وتكوينها فقط {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} ولولا أنه تعالى نص على أنه أراد منا الاعتبار وأراد إدخال الجنة من شاء ما قلنا به ولكنا صدقنا ما قال ربنا تعالى وقلنا ما علمنا ولم نقل ما لم نعلم فهذه حقيقة الإيمان الذي تعضده البراهين الحسية والعقلية
ودليل ذلك أن السبب والغرض لا يخلوان من أنهما مخلوقان لله تعالى أو أنهما غير مخلوقين أصلا أو أنهما مخلوقان لغيره فمن جعلهما غير مخلوقين أصلا كفر لأنه يجعل في العالم شيئا لم يزل ومن قال إنهما مخلوقان لغير كفر لأنه يجعل خالقا غير الله تعالى فثبت أنهما مخلوقان له تعالى وقد قام البرهان على أن كل ما دون الله تعالى فهو خلق الله فإذا قد ثبت أن الغرض والسبب مخلوقان لله تعالى فلا يخلو من أن يكون خلقهما لسبب أيضا ولغرض أو لا لسبب ولا لغرض فإن كان فعلها لسبب آخر وغرض آخر لزم أيضا فيهما مثل ذلك حتى تنتهي بقائل هذا إلى إثبات معدودات ومخلوقات لا نهاية لها وهذا كفر من قائله وإن كان تعالى فعلهما لا لسبب ولا لغرض فهذا هو قولنا إنه تعالى يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه لا لسبب ولا لغرض حاشا ما نص تعالى عليه فقط أنه فعله للغرض أراده أو لسبب وأما ما لم ينص ذلك فيه فإنا نقطع على أنه تعالى فعله كما شاء لا لغرض ولا لسبب ولولا النصوص الواردة بذلك في بعض المواضع ما حل لمسلم أن يقول إن الله تعالى فعل كذا لسبب كذا ولا إن