بمقدار ما أدى فقالوا خالفه ابن عباس فأفتى بغير ذلك ولا حجة لهم في هذا لأن هذا الحديث قد رواه أيضا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذوا به وأفتي به فلم كان ترك ابن عباس للحديث حجة على عمل علي به وقد يحتمل ترك ابن عباس وغيره لما روي وجوها منها أن يتأول فيه تأويلا كما ذكرنا آنفا أو يكون نسيه جملة أو يكون نسيه حين أفتى بهذه الفتيا المخالفة له كما ذكرنا
آنفا فيمن أفتى منهم بخلاف القرآن وهو ناس لما في حفظه من ذلك أو يكون لم يكن يبلغه حين أفتى بما أفتى به ثم بلغه الحديث بعد ذلك فإن هذه الوجوه كلها موجودة فيما روي عنهم فلا يحل لأحد ترك كلامه عليه السلام الفتيا جاءت عن صاحب فمن دونه مخالفة لما صح عنه عليه السلام ولو تتبعنا ما تركوا فيه روايات الصحابة وأخذوا بفتياهم وما تركوا فيه فتيا الصحابة وأخذوا برواياتهم لكثر ذلك جدا لأن القوم إنما حسبهم ما نصروا به المسألة التي بين أيديهم فقط وإن هدموا بذلك سائر مسائلهم وفيما ذكرنا كفاية
وبالجملة فصرف الداخلة التي يعترضون بها على رواية الصاحب لما ترك برأيه أولى أن يكون إلى النقل لمخالفته لذلك منه إلى الرواية التي يلزم اتباعها وهذا باب قد عظم تناقضهم فيه فهذا ابن عمر وأبو برزة هما رويا حديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فحملاه على تفرق الأبدان فخالفهما المالكيون والحنفيون فقالوا التفرق بالكلام ولم يلتفوا إلى ما حمل عليه الحديث الصاحبان اللذان روياه وهذا علي رضي الله عنه روى الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ثم روي عنه تركه وأنه أفتى بأنه إذ وقع رأسه من السجود فقد تمت صلاته فخالفه المالكيون ورأوا التسليم فرضا لا بد منه وتناقضهم في الباب عظيم جدا