والحق في أحدهما بلا شك فإذا تركوهما جميعا فقد تركوا الحق يقينا في أحدهما ولا يحل لأحد أن يترك الحق اليقين أصلا والثالث أنهم لا يفعلون ذلك في الآيتين اللتين إحداهما حاظرة والأخرى مبيحة أو إحداهما موجبة والثانية نافية بل يأخذون بالحكم الزائد ويستثنون الأقل من الأكثر وقد بينا فيما سلف أنه لا فرق بين وجوب ما جاء في القرآن وبين وجوب ما جاء في كلام النبيصلى الله عليه وسلم قال علي كان حجتهم في ذلك أن قالوا إن أحد الخبرين ناسخ بلا شك ولسنا نعلمه بعينه فلما نعلمه لم يجز لنا أن نقدم عليه بغير علم فيدخل في قوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم إن لسمع ولبصر ولفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} قال علي وهذه الحجة فاسدة من وجهين أحدهما أنه يلزمهم مثل ذلك الآيتين وهم لا يفعلون ذلك والوجه الثاني أنه لا يجوز أن يقال في خبر ولا آية إن هذا منسوخ إلا بيقين قال علي ويكفي من بطلان هذا الذي احتجوا به أننا على يقين من أن الحكم الزائد على معهود الأصل رافع لما كان الناس عليه قبل وروده فهو الناسخ بلا شك ونحن على شك من هل نسخ ذلك الحكم بحكم آخر يردنا إلى ما كنا عليه أو لا فحرام ترك اليقين للشكوك وبالله تعالى التوفيق قال علي وقد اضطرب خاطر أبي بكر محمد بن داود رحمه الله إلى ما ذهبنا إليه إلا أنه رحمه الله اخترم قبل إنعام النظر في ذلك وذلك أنه قال في كتاب الوصول والعمل في الخبرين المتعارضين كالعمل في الآيتين ولا فرق قال علي وقال بعض أهل القياس نأخذ بأشبه الخبرين بالكتاب والسنة قال علي وهذا باطل لأنه ليس الذي ردوا إليه حكم هذين الخبرين أولى بأن يأخذ به من