فنقول مجدين مقرين إن وجدنا ما هو أهدى منه اتبعناه وتركنا ما نحن عليه وإنما هذا في مسائل تعارضت فيها الأحاديث والآي في ظاهر اللفظ ولم يقم لنا بيان الناسخ من المنسوخ فيها فقط أو في مسائل وردت فيها أحاديث لم تثبت عندنا ولعلها ثابتة في نقلها فإن بلغنا ثباتها صرنا إلى القول بها إلا أن هذا في أقوالنا قليل جدا والحمد لله رب العالمين وأما سائر مذاهبنا فنحن منها على غاية اليقين وقال تعالى {ولا تجادلوا أهل لكتاب إلا بلتي هي أحسن إلا لذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بلذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} فأمر عز وجل
كما ترى بإيجاب المناظرة في رفق وبالإنصاف في الجدال وترك التعسف والبذاء والاستطالة إلا على من بدأ بشيء من ذلك فيعارض حينئذ بما ينبغي وقال تعالى {يمعشر لجن ولإنس إن ستطعتم أن تنفذوا من أقطار لسماوات ولأرض فنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} والسلطان الحجة كما ذكرنا وقال تعالى {وذر الذين تخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم لحياة لدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون لله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منهآ أولئك لذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} فذكر عز وجل تقدير إبراهيم عليه السلام قومه على نقله الكواكب والشمس والقمر التي كانوا يعبدون من دون الله وأن ذلك لدليل على خلقها وبرهان على حدوثها فقال عز وجل {وتلك حجتنآ آتيناهآ إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشآء إن ربك حكيم عليم} وقد أمرنا تعالى في نص القرآن باتباع ملة إبراهيم عليه السلام وخبرنا تعالى أن من ملة إبراهيم المحاجة والمناظرة فمرة للملك ومرة لقومه والاستدلال كما أخبرنا تعالى عنه ففرض علينا اتباع المناظرة لنصرف أهل الباطل إلى الحق وأن نطلب الصواب بالاستدلال فيما اختلف فيه المختلفون قال الله عز وجل {إن أولى لناس بإبراهيم للذين تبعوه وهذا لنبي ولذين آمنوا ولله ولي لمؤمنين} فنحن المتبعون لإبراهيم عليه السلام في المحاجة والمناظرة فنحن أولى الناس به وسائر الناس مأمورون بذلك قال الله تعالى {قل صدق لله فتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من لمشركين} ومن ملته المناظرة كما ذكرنا فمن نهى عن المناظرة والحجة فليعلم أنه عاص لله عز وجل ومخالف لملة إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما قال الله عز وجل وقد