للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم النهي عن آنية الفضة هكذا مجملا وروى بعضهم النهي عن الشرب في آنية الفضة فكانت هذه اللفظة يعني الشرب ناقصة عن معنى الحديث الآخر الذي فيه إجمال النهي عن آنية الفضة نقصانا عظيما ومبيحة لعظائم في عموم ذلك الحديث إيجاب تحريمها من الأكل فيها والاغتسال فيها والوضوء فيها فهذه اللفظة وإن كانت زائدة في الصوت والخط فهي ناقصة من المعنى والحديث الآخر وإن كان ناقص اللفظ فهو زائد في الحكم والمعاني فهو الذي لا يجب الأخذ به لأن الحديث المذكور فيه الشرب هو بعض ما في الحديث الآخر وهذا نحو ما قلنا في الحديثين في زكاة الغنم اللذين ذكر

في أحدهما السائمة ولم يذكر في الآخر فوجب الأخذ بالعام للسائمة وغيرها لأن من أخذ بالحديث العام كان آخذا بالخاص أيضا لأنه إذا اجتنب آنية الفضة جملة كان قد اجتنب الشرب في جملة ما اجتنب أيضا وإذا زكى الغنم كلها كان زكى السائمة أيضا فكان آخذا بكلا الأمرين وغير عاص لشيء من النصين وكان من آخذ بالحديث الأخص وحده عاصيا للحديث الآخر تاركا له بلا دليل إلا التحكم والدعوى بغير علم لأنه إذا زكى السائمة وحدها فقد ترك زكاة غير السائمة وخالف ما أوجبه الحديث الآخر

وكان إذا اجتنب الشرب في آنية الفضة وحدها كان قد عصى ما في النص الآخر والاستباح ما حرم الله تعالى فيه وذلك لا يحل لأنه ليس أحد النصين أولى بالطاعة من الآخر وليس أحدهما نافيا للآخر ولا مبطلا له ومن ذلك أيضا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج منها فكان هذا عاما لكل ما يخرج منها زرعا أو خضرا أو ثمارا وروى بعضهم هذا الحديث بعينه فقال من ثمر النخل فمن أخذ بالمساقاة في ثمر النخل خاصة وحظر ما سوى ذلك كان مخالفا لفعل رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>