وذلك مثل القراض الذي لولا الإجماع على جوازه لاتصال نقل الأعصار به عصرا بعد عصر بأنه
كان القراض في الجاهلية مشهورا وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره ولم ينه عنه وهو يعلمه فاشيا في قريش وكانوا أهل تجارة ولا عيش لهم إلا منها لم نجزه ولو وجدنا واحدا من العلماء يقول بإبطاله لوافقناه ولقلنا بقوله إذ لا نص في إباحته ولأنه شرط لم يأت به نص وكل شرط هذه صفته فإن لم يتفق على صحته فهو باطل بقوله عليه السلام كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل فما كان من هذا النوع فإنا نراعي في مسائله الإجماع فما أجمعوا عليه منها قلنا به
وما اختلف فيه أسقطناه بالبتة لأنه قد بطل الإجماع فيه والإجماع هو برهان صحته الذي لا برهان لصحته سواه وما بطل برهان صحته فقد بطل القول به وأما ما قام برهان على صحته من غير الإجماع فلا ينبغي أن يلتفت من وافق عليه ولا من خالف ولا يتكثر بمن وافق فيه كائنا من كان ولا يستوحش ممن خالف فيه كائنا من كان ولو كان ما ذكر هذا المغفل حجة لساغ للحنيفي أن يقول قد وافقتموني على وجوب قطع يد من سرق ما يساوي عشرة دراهم وخالفتكم في قطع من سرق أقل من ذلك فلا يلزمني إلا ما اتفقنا عليه لا ما اختلفنا فيه ولساغ له أن يقول قد وافقتموني على أن القصر يكون من ثلاثة أيام فصاعدا واختلفنا في أقل فلا يجب إلا ما اتفقنا عليه ولساغ له أن يقول قد وافقتموني على أن الصداق يكون عشرة دراهم وخالفتكم في أقل من ذلك فلا يصح إلا ما اتفقنا عليه لا ما اختلفنا فيه ولساغ للمالكي أن يقول قد وافقتموني على أن المغتسل إذا تدلك تم غسله وخالفتكم فيه إذا لم يتدلك فلا يجب إلا ما اتفقنا عليه دون مما اختلفنا