وأبا بكر وعمر أخرجهم الجوع من بيوتهم فكانوا من متحرف في الأسواق ومن قائم على نخلة ويحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وقت منهم الطائفة إذا وجدوا أدنى فراغ مما هم بسبيله هذا ما لا يستطيع أحد أن ينكره وقد ذكر ذلك أبو هريرة فقال إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على نخلهم وكنت امرأ مسكينا أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني وقد أقر بذلك عمر فقال فاتني مثل
هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني الصفق في الأسواق ذكر ذلك في حديث استئذان أبي موسى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن المسألة ويحكم بالحكم ويأمر بالشيء ويفعل الشيء فيعيه من حضره ويغيب بمن غاب عنه فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر رضي الله عنه فمن حينئذ تفرق الصحابة للجهاد إلى مسيلمة وإلى أهل الردة وإلى الشام والعراق وبقي بعضهم بالمدينة مع أبي بكر رضي الله عنه فكان إذا جاءت القضية ليس عنده فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سأل من بحضرته من الصحابة عن ذلك فإن وجد عندهم رجع إليه وإلا اجتهد في الحكم ليس عليه غير ذلك فلما ولي عمر رضي الله عنه فتحت الأمصار وزاد تفرق الصحابة في الأقطار فكانت الحكومة تنزل في المدينة أو في غيرها من البلاد فإن كان عند الصحابة الحاضرين لها في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أثر حكم به وإلا اجتهد أمير تلك المدينة في ذلك وقد يكون في تلك القضية حكم عن النبي صلى الله عليه وسلم موجود عند صاحب آخر في بلد آخر وقد حضر المديني ما لم يحضر المصري وحضر المصري ما لم يحضر