الوجهين فإن كان جاهلا وكان هذا مقداره من العلم فما كان في وسعه أن يفتي في دين الله عز وجل وإن كان هذا مستحيلا للتلبيس
في دين الله تعالى فهذا أخبث وأنتن قال علي وهذا كلام يبطل من وجهين ضروريين أحدهما أننا قد بينا في هذا الباب أنهم أترك الناس لآخر عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا كلهم مدنيين طول مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدة أبي بكر وإنما سكنوا الشام والبصرة والكوفة في صدر خلافة عمر رضوان الله عليه فما بعد ذلك لأن الشام ومصر
كانت بأيدي الروم والعراق حيث بنيت الكوفة والبصرة كانت بأيدي الفرس ولم يفتتح شيء من كل ذلك ولا سكنه مسلم إلا بعد صدر إمارة عمر هذا أمر لا يجهله من له أقل نصيب من العلم وكل من كان بالعراق والشام ومصر من الصحابة فلم يفارقوا سكنى المدينة طوال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينفرد قط برسول الله من بقي منهم بالمدينة دون من سكن بعد موته عليه السلام العراق أو الشام أو مصر فبطل كذب من موه بما ذكرنا ولله الحمد ووجب بالضرورة أن من بقي بالمدينة من الصحابة رضي الله عنهم ليس بأولى بحسن الظن بهم في الثبات على ما شهدوه من النبي صلى الله عليه وسلم من سائر الصحابة الذين بالأمصار ولا هم أولى بالعلم منهم بل كلهم واجب الحق موصوف بالعلم والدين والنصيحة للمسلمين قال أبو محمد وهذا الذي جرى عليه الناس كما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا يزيد بن أبي إبراهيم ثنا رزيق وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز