وأما ابن عباس فإنه روى في فضل المرأة من طريق ميمونة خبرا بنى عليه وروى في المتعة إباحة شهدها فثبت عليها ولم يحقق النظر وقد أنكر ذلك عليه علي بن أبي طالب وأغلظ عليه القول وروي في الدرهم بالدرهمين خبرا عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت عليه وأنكر عليه ذلك أبو سعيد وأغلظ له في القول جدا ولم يعارض خبر الحكم في فضل المرأة بأكثر من أن قال هي ألطف بنانا وأطيب ريحا فليس في هذا رد للحديث ولا لحكمه بل صدق في ذلك وقد خالفه في الوضوء مما مست النار وفي غسل اليد ثلاثا قبل إدخالها في الإناء أبو هريرة وأغلظ له في القول فليت شعري من جعل قول ابن عباس أولى من قول علي وأبي هريرة والحكم بن عمرو وأبي سعيد وأما قول ابن عمر إن لأبي هريرة زرعا فصدق وليس في هذا رد لرواية أبي هريرة أصلا فإذا لم يبق من جميع ما اعترضوا به إلا اختلاف الصحابة في بعض ذلك مما صح وثبت
فالواجب الرد المفترض الذي لا يحل سواه هو الرد في ذلك إلى الله تعالى وإلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان صاحب في ذاته فغير مبعد عنه الوهم لا سيما إذا اختلفوا فمضمون أن أحد القولين خطأ فوجدنا الله تعالى قد أمر بالتفقه في الدين وإنذار
الناس به وأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل إلى طاعته عليه السلام إلا بنقل كلامه وضبطه وتبليغه ولا سبيل إلى التفقه في الدين إلا بنقل أحكام الله تعالى وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم ووجدناه صلى الله عليه وسلم قد حض على تبليغ الحديث عنه وقال في حجة الوداع لجميع من حضر ألا فليبلغ الشاهد الغائب فسقط قول من ذم الإكثار من الحديث ثم العجب فيه إيرادهم لهذه الآثار التي ذكرنا عمن أوردوها عنه من الصحابة فوالله العظيم ما أدري غرضهم في ذلك ولا منفعتهم بها ولا شك أنهم