عن رجل أو عن لون أو أمرنا بأمر ما في ذلك فممكن أن نحمل خبره وأمره على كل ما يقتضيه ما ذكر مثل أن يقول لا تأكلوا عيرا فيجتنب كل ما يقع عليه اسم عير وإن اختلفت أنواعه وكذلك قوله تعالى {وهو لذي أنزل من لسمآء مآء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن لنخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب ولزيتون ولرمان مشتبها وغير متشابه نظروا إلى ثمره إذآ أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون} وكان ذلك واقعا على كل ثمر وإن
اختلفت أنواعه وكذلك قول القائل الهواء لا لون له فقد انتفى بذلك عنه البياض والحمرة والسواد والخضرة والصفرة فالفائدة بالخطاب بهذه الأسماء قائمة والتفاهم ممكن وحملها على ما يقتضيه جائز حسن إلا أن يقوم دليل على تخصيص بعض ما تحتها فيصار إليه
وهذا غير ممكن في الأوامر التي أرادوا أن يشبهوها بالأسماء التي ذكرنا لأنه إذا قيل لنا افعلوا وكان هذا اللفظ ممكنا أن يراد به الإيجاب وممكنا به الندب أو الإباحة فلا سبيل في بنية الطبيعة إلى حمله على كل الوجوه التي ذكرنا إذ ممتنع بالضرورة أن يكون الشيء ملزما ولا بد ومباحا تركه في وقت واحد لإنسان واحد هذا محال لا يمكن ولا يقدر عليه فيبطل تشبيههم وصح أن الأمر لو كان كما ذكروا لكان غير مقدر على الائتمار له أبدا ولو كان ذلك لبطل الأمر كله ضرورة وإذ قد صح ورود الأمر من الله عز وجل وصح التخاطب بالأوامر في اللغة بين الناس علمنا أنه لا يجوز أن يخاطبنا تعالى بما لا سبيل إلى الائتمار له وبالمحالات التي لا نقدر عليها وصح أن الأمر مراد به معنى مختص بلفظه وبنيته وليس ذلك إلا كون ما خوطب به المأمور وبالله تعالى التوفيق قال علي وإنما الذي ذكروا من أنهم قد وجدوا أوامر معناها الندب فصدقوا والوجه في ذلك أننا قد وجدنا في اللغة ألفاظا نقلت على معهودها وعن موضوعها في اللسان وعلقت على أشياء أخر فعل ذلك خالق اللغة وأهلها الذي رتبها كيف شاء عز وجل أو فعل في ذلك بعض أهل اللغة من العرب أو فعل ذلك مصطلحان فيما بينها كما نقل تعالى اسم الصلاة عن موضوعها