فيه نسخ أبدا لنصه عليه السلام على أن ذلك باق إلى يوم القيامة فمن أجاز ورود نسخ لهذا فقد أجاز الكذب من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أجاز ذلك فهو كافر مشرك حلال الدم والمال وسبحان من يسر لهؤلاء القوم عكس الحقائق فيجعلون ما قد جاء النص فيه بأنه خاص عاما وما جاء فيه النص بأنه عام خاصا وبالله تعالى نتأيد وإنما سفك عليه السلام فيها الدماء المباحة ونهى عن الاقتداء به ذلك جملة وقولنا في هذا هو قول عبد الله بن عمر وعطاء وغيرهما وكان عبد الله بن عمر يقول لو لقيت فيها قاتل عمر ما ندهته قال علي فما ورد من الأوامر والنواهي على الصفتين المذكورتين فهو فرض أبدا ما لم يرد نص أو إجماع على أنه منسوخ أو أنه مخصوص أو أنه ندب أو أنه بعض الوجوه الخارجة عن الإلزام على ما سنفرد لها فصلا في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال علي وأما صورة الندب فهو أن يرد اللفظ أو بمدح الفاعل أو للفعل مثل قوله عليه السلام إذ قال يهلك الناس هذا الحي من قريش ثم قال عليه السلام لو أن الناس اعتزلوهم فكان هذا ندبا إلى ترك القتال مع التأولين منهم ومثل قوله عليه السلام لو اغتسلتم وإنما أوجبنا غسل الجمعة بحديث آخر فيه لفظ الايجاب وأما المدح فمثل قوله تعالى {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على لتقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا ولله يحب لمطهرين} فكان ذلك حضا على مثل فعلهم وهو الاستنجاء بالماء ومثل إخباره صلى الله عليه وسلم أن لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة وما أشبه ذلك فما جاء باللفظ الذي ذكرنا فهو ندب لا إيجاب يعلم ذلك بصيغة اللغة ومراتبها علم بضرورة لا يفهم سواه قال علي وأما أمر الإباحة فإنه يراد بلفظ أو مثل قوله تعالى {وأتموا لحج ولعمرة لله فإن أحصرتم فما ستيسر من
لهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ لهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بلعمرة إلى لحج فما ستيسر من لهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في لحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري لمسجد لحرام وتقوا لله وعلموا أن لله شديد لعقاب}