قال علي وقد سأل أبو بكر محمد بن داود رحمة الله عليه من أجاز تأخير الحج فقال متى صار المؤخر للحج إلى أن مات عاصيا أفي حياته فهذا غير قولكم أو بعد موته فالموت لا يثبت على أحد معصية لم تكن لازمة في حياته قال علي ونحن نزيد في هذا السؤال فنقول وبعد الموت لا يأثم أحد إلا من سن سنة سوء يقتدى به فيها فأجابه بعض المجيزين لذلك وهو أبو الحسن القطان الشافعي بأن قال إنما كان له في التأخير بشرط أن يفعل قبل أن يموت فلما مات قبل أن يفعل علمنا أنه لم يكن له مباحا التأخير قال علي ونحن نقول إن أبا الحسن لم يحقق الجواب الشافي وكان أدخل في الشغب لو قال إنه إثم في آخر عام قدر فيه على الحج ولم يحج كما قال الشافعي فيمن حلف بالطلاق إن لم يطلق امرأته إنها لا تطلق إلا آخر أوقات صحته التي كان فيها قادرا على الطلاق
قال علي ونحن نجيب في هذين الجوابين معا ببيان لائح بحول الله وقوته فنقول قال الله تعالى {لا يكلف لله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما كتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينآ إصرا كما حملته على لذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وعف عنا وغفر لنا ورحمنآ أنت مولانا فنصرنا على لقوم لكافرين} وإنما يلزم الله تعالى الإثم من ترك ما لم يعلم أنه ليس له تركه أو قامت عليه بذلك حجة أو عمل ما يعلم أنه ليس له أن يعمله أو قامت عليه حجة بذلك ولم يطلع الله أحدا على وقت منيته ولا عرفه بآخر أوقات قدرته ولا قامت عليه حجة في ذلك الوقت إلا ما قد قام في سائر الأحوال قبل ذلك ولا حدث عليه من الأوامر إلا ما حدث قبل ذلك الوقت فإن كان عاصيا في ذلك الوقت فهو عاص قبل ذلك الوقت وإن لم يكن عاصيا قبل ذلك الوقت فليس عاصيا في ذلك الوقت إلا بنص يخص ذلك الوقت بوقوع المأثم فيه دون غيره ومن فرق بين الأوقات بلا نص ولا إجماع فقد قال بلا علم وذلك حرام وأيضا فإن الله تعالى لم يكلف أحدا أن يعلم هل يموت قبل أن يؤدي ما