قال علي وأما العمل المأمور به في وقت محدود الطرفين قد ورد النص بالفسحة في تأخيره فإنه يجب بأول الوقت إلا أنه قد أذن له في تأخيره وكان مخيرا في ذلك وفي تعجيله فأي ذلك أدى فقد أدى فرضه إلا أنه يؤجر على التعجيل لتحصيله العمل واتهمه به ولا يأثم على التأخير لأنه فعل ما أبيح له وذلك مثل تأخير المرء الصلاة إلى آخر وقتها الواسع ولذلك أسقطنا الملامة والقضاء عن المرأة تؤخر الصلاة عن أول وقتها فتحيض فعلت ما أبيح لها ومن فعل ما أبيح له فقد أحسن وقال تعالى {ليس على لضعفآء ولا على لمرضى ولا على لذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على لمحسنين من سبيل ولله غفور رحيم} فسقطت الملامة وقد أخر عليه السلام الصلاة إلى آخر وقتها فصح بذلك أن ذلك جائز مباح حسن وإن كان التعجيل أحسن وسقط القضاء عنها لخروج الوقت لأنه يؤدي عمل إلا في وقته المأمور به كما أسقط خصومنا موافقين لنا القضاء عن المغمى عليه أكثر من خمس صلوات وبعضهم أسقطها عن المغمى عليه صلاة فما فوقها وأما كل عمل محدود الطرف الأول غير محدود الطرف الآخر فإن الأمر به ثابت متجدد وقتا بعد وقت وهو ملوم في تأخيره لأنه لم يفسح له ذلك وكلما أخره حصل عليه اسم التضييع وإثم الترك لما أمر به فإن أداه سقط عنه إثم الترك وقد استقر عليه إثم ترك البدار ولا يسقطه عنه إلا ربه تعالى بفضله إن شاء لا إله إلا هو كسائر
ذنوبه التي لا بد من الموازنة فيها لأن الأداء والتعجيل فعلان متغايران كما قدمناه وقد يؤدي من لا يعجل فصح أنهما شيئان متغايران وكذلك القول في
ديون الناس فإن المماطل الغني آثم بالمطل وآثم بمنع الحق فإذا أدى الحق يوما ما سقط عنه المنع وقد استقر إثم المطل عليه فلا يسقط عنه بالأداء لأن المنع والمطل شيئان متغايران وقد يؤدي ولا يمنع من قد مطل ولذلك قلنا فيمن غصب مالا فلم يؤده إلى صاحبه حتى مات المغصوب منه ثم أداه إلى ورثته إنه باق عليه إثم الغصب