أن نفعل ما أمرنا به ما استطعنا ولم يقل عليه السلام فأتوه ما استطعتم وكان حينئذ يلزم التكرار وإنما قال عليه السلام فأتوا منه ما استطعتم ومن إنما هي للتبعيض المقدور فلما امتنع تكرار الأمر بما قدمنا قبل من أن التكرار لوازم لكان تكليفا لما لا يطاق وأنه لما بطل ذلك كان من اقتصر في ذلك على حد ما يجده أو عدد من التكرار يوجبه أو على وقت ما متحكما بلا دليل لم يلزم منه إلا ما اتفق عليه وهو مرة واحدة يقع عليه بها اسم فاعل مطيع ويرتفع بها عنه اسم عاص وكان ذلك فرقا صحيحا بين ما لا يقدر عليه مما ذكرنا وبين ما يقدر عليه من الترك في كل وقت وفي كل حال ومن أدى من الأمر ما استطاع فقد فعل ما أمر به ومن فعل ما أمر فقد سقط عنه الأمر وبالله تعالى التوفيق والقائلون بالتكرار إنما اضطروا إليه في مسألتين أو ثلاث وهم في سائر مسائلهم تاركون له وقد قدمنا أن القوم إنما حسبهم نص المسألة الحاضرة بما لا يبالون أن يهدموا به سائر مسائلهم وبالله تعالى التوفيق قال علي وصحيح القول في هذه المسألة هو ما قلنا من أن يفعل مرة واحدة يؤدي المرء ما عليه ولا يلزمه تكرار الفعل لما ذكرنا إلا أن ترتفع تلك الحال التي فيها ذلك الأمر ثم تعود فإن الأمر يعود ولا بد كمرض المسلم تجب عيادته فبمرة واحدة يخرج من الفرض ما دام في تلك العلة فإن أفاق ثم مرض عاد حكم العيادة أيضا وفك العاني متى صار عانيا وجب فكه كإطعام الجائع متى عاد جوعه عاد وجوب إطعامه وكالتعوذ متى قطع الإنسان القراءة ثم ابتدأ القراءة وكالوضوء متى أحدث وكالصلاة في كل يوم ولا يلزم تكرار شيء من ذلك بعد فعله في حال واحدة وبالله تعالى التوفيق والقول بالتكرار باطل لأنه تكليف ما لا يطاق أو القول بلا برهان