قال علي وقد ذهب بعض المالكيين إلى أن ههنا واجبا ليس فرضا ولا تطوعا قال علي وهذا هذيان فاسد لا يعقل أصلا لأن الواجب هو الذي لا بد من فعله وغير الواجب هو ما إن شاء فعله المرء وإن شاء تركه ولا يعرف ههنا شيء يتوسط هذين الطرفين فإن راعوا ما ورد به لفظ الفرض في الشريعة فهم أول عاص لما ورد فيها لأن الله عز وجل يقول {إنما لصدقات للفقرآء ولمساكين ولعاملين عليها ولمؤلفة قلوبهم وفي لرقاب ولغارمين وفي سبيل لله وبن لسبيل فريضة من لله ولله عليم حكيم} فقالوا هم هذه القسمة ليست فريضة بل جائز أن يعطى من الصدقات غير هؤلاء وجائز أن توضع في بعض هذه الأصناف دون بعض وقال ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على كل صغير أو كبير ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا من المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير
فقالوا ليس هذا فرضا ولا الشعير أيضا ولا التمر فيها فرضا فما نعلم أحدا ترك لفظ الفرض الوارد في الشريعة منهم ثم احتجوا في البرسام الذي ادعوه من وجوه أنه شيء واجب ليس فرضا ولا تطوعا فقالوا ذلك مثل الأذان والوتر وركعتي الفجر وصلاة العيدين والصلاة في جماعة ورمي الجمار للمبيت ليالي منى بمنى
قال علي وكل هذا فدعوى فاسدة أما الصلاة في جماعة والأذان ورمي الجمار ففرائض واجبة يعصي من تركها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها وأما صلاة العيدين والوتر وركعتا الفجر والمبيت ليالي منى بمنى فليست فرائض ولكنها تطوع يكره تركها فلو تركها تارك دهره كله متعمدا ما أثم ولا عصى الله عز وجل ولا قدح ذلك في عدالته وقد قال عليه السلام في الذي حلف ألا يزيد على الصلوات الخمس الفرائض أفلح والله إن صدق دخل الجنة إن صدق وقد سأل هذا القائل النبي صلى الله عليه وسلم إذ وصف له الصلوات الخمس فقال يا رسول الله هل علي غيرها فقال لا إلا أن تطوع فسمى النبي صلى