إن هو إلا وحي يوحى} فصح أن كلامه كله صلى الله عليه وسلم وحي وأن الوحي محفوظ لأنه ذكر فلو بينه عليه السلام ولم ينقل إلينا لكان غير محفوظ وقد أكذب الله تعالى هذا القول لأنه لم ينقل أحد أنه أمره بالإعادة لغير الانفراد والوجه الثالث أن أحاديث كثيرة ثبتت بفرض تسوية الصفوف فيها وفيها إبطال صلاة من صلى منفردا وقد ذكرناها في الفصل الذي فيه ترجيح الأحاديث في باب الأخبار من كتابنا هذا والرابع إن نقل الناقل الثقة أنه صلى منفردا فأعاد نقل وإنذار ببطلان صلاة
المنفرد عنه عليه السلام فواجب قبوله والخامس أن قول القائل لعله كان هنالك سبب لم ينقل إلينا ظن وقد قال تعالى {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا لظن وإن لظن لا يغني من لحق شيئا} وقال عليه السلام الظن أكذب الحديث ولا يحل ترك نقل الثقات لظنون زائفات وأما تخريج من خرج منهم أن الحاجم والمحجوم كانا يغتابان الناس فإنهم استجاروا من الرمضاء بالنار وهم لا يرون إفطار الصائم بالغيبة فقد عصوا على كل حال ولولا أن الرخصة وردت صحيحة من الحجامة للصائم لأوجبنا الإفطار بها ولكن استعمال الأحاديث يوجب قبول الرخصة لأنها متيقنة بعد النهي إذ لا تكون لفظة الرخصة إلا عن شيء تقدم التحذير منه ولهذا الحديث أجزنا الحجامة للصائم وأن يكون حاجما ومحجوما على ظاهر لفظ الأحاديث لا بالحديث الذي يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم لأنه ليس في ذلك الحديث دليل على أنه كان بعد النهي فهو موافق لمعهود الأصل ولا فيه بيان أيضا أنه كان في صيام فرض لا يجوز الإفطار فيه بل لعله كان في تطوع يجوز الإفطار فيه أو في سفر كما جاء في بعض تلك الأحاديث أنه كان صائما محرما عليه السلام وبالله تعالى التوفيق