ونظرت إليه بعيني هاتين وهو يفعل أمر كذا وقد علمنا أن النظر لا يكون إلا بالعينين وكذلك يقول سمعت بأذني والسمع لا يكون إلا بالأذنين ولو سكت عن ذلك لعلمنا من خبره كالذي علمنا إذا ذكر العينين والأذنين ولا فرق وأيضا فإن الاستثناء جائز بعد التأكيد كجوازه قبل التأكيد فنقول رأيت الوجوه إلا فلانا فلو كان التأكيد مخرجا للكلام عن الخصوص إلى العموم لما جاز فيه الاستثناء فصح أنه بمنزلة التكرار ولا فرق قال علي ثم نعكس عليهم سؤالهم الفاسد فنقول لهم لو جاز أن تكون صيغة العموم للخصوص لما جاز أن يدخل عليها للتأكيد
فينقلها إلى العموم وهذا لهم لازم لأنهم صححوا هذا السؤال فكل من صحح القضية فهي لازمة له وليست لازمة لمن يصححها ولا ابتدأ السؤال قال علي ولو صح قولهم لوجب أن يكون كل شيء انتقل عن حاله باطلا وأن يكون ذلك الانتقال دليلا على أن المنتقل لم يكن حقا لأنه يلزمهم أن الشيء لو كان
حقا لما صار باطلا ولما قام دليل على بطلانه ونحن نجد الحياة للإنسان باتصال النفس في الجسد ثم تذهب تلك الحياة وتبطل بيقين فيلزمهم إذ قالوا لو كان العموم حقا لما انتقل لفظه إلى خصوص أن يقولوا لو كانت الحياة حقا لما انتقل حاملها إلى الموت هذا مع افتقار دليلهم هذا إلى دليل وأنه دعوى مجردة ساقطة لأن دعواهم أن انتقال الشيء عن مرتبته مبطل لكونها مرتبة لها دعوى ساقطة يشبه سؤال السوفسطائية واليهود وقد أبطلنا استدلالهم في ذلك في كتاب الفصل بحمد الله تعالى قال علي وقالوا أيضا لو كان العموم حقا لما حسن الاستثناء منه وصرفه بذلك إلى الخصوص قال علي وهذا غاية التمويه لأن العموم صيغة ورود اللفظ الجامع