للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتراخي هو باب واحد مع نقل اللفظ عما يقتضيه ظاهره إلى معنى آخر وهذا الباب يسمى في الكلام وفي الشعر الاستعارة والمجاز ومنه قوله تعالى {ذق إنك أنت لعزيز لكريم} ومثل هذا كثير والوجه الثالث نقل خبر عن شيء ما إلى شيء آخر اكتفاء بفهم المخاطب كقوله تعالى {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى لله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو لعليم لحكيم} وإنما أراد تعالى أهل القرية وأهل العير فأقام الخبر عن القرية والعير مقام الخبر عن أهلها وكقوله تعالى {يا أيها لذين آمنوا لا تقربوا لصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من لغآئط أو لامستم لنسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا

طيبا فمسحوا بوجوهكم وأيديكم إن لله كان عفوا غفورا} فأقام ذكر السفر والمرض مقام الحديث لأن المراد فأحدثتم وكقوله تعالى {لا يؤاخذكم لله بللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم لأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحفظوا أيمانكم كذلك يبين لله لكم آياته لعلكم تشكرون} فأوقع تعالى الحكم على الحلف وإنما هو على الحنث

أو إرادته لا على الحلف ومثل هذا كثير والوجه الرابع نقل لفظ عن كونه حقا موجبا لمعناه إلى قوله باطلا محرما وهذا هو النسخ كنقله تعالى الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس إلى أن يحل ذلك اليوم أصلا بالعمد لغير ضرورة قال علي وإنما فرقنا بين النسخ وبين نقل الأمر عن الوجوب إلى الندب أو غيره وإن كان كل ذلك نقلا لأن النسخ كان الأمر المنسوخ مرادا منا العمل به قبل أن ينسخ وأما المحمول على الندب فلم يرد قط منا إلزامنا العمل به وهذا فرق ظاهر قال علي وكل ما ذكرنا فلا يحل أن يتعدى به موضوعه لأنه كما ترى أنواع يجمعها جنس النقل للأسماء على مراتبها فمن استجاز منها واحدا بغير برهان لزمه أن يجيز جميعها وفي ذلك القضاء بالنسخ على كل شريعة وبأنه لا يفهم عن الله تعالى ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم لفظ أصلا إذ لعله قد نقل إلى معنى آخر وهذا خروج عن الإسلام قال علي وإذا قد ذكرنا وجود النقل للأسماء عن معانيها ومثلنا منها أمثلة تدل عليها وتنبه على أمثالها مما لم نذكره بحول الله تعالى وقوته فلنذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>