ذلك صار ما تبرأ الله منه كفرا وظلما وعبثا وصار ما أمر به حقا وعدلا وحكمة فقط وليس اعتقادنا التوحيد حقا ولا حكمة بذاته دون أن يكون لله فيه أمر ولكن إنما صار حقا وعدلا وحكمة لأن الله تعالى أمر به ورضيه وسماه حقا وعدلا وحكمة فقط فهذا دين الله عز وجل الذي نص عليه بأن يفعل ما يشاء وأنه {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} وأنه لو أراد أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء وهذا هو القول الذي دلت العقول على صحته وبطلان ما عداه لأن العقل يشهد أن الله تعالى خلقه وأنه كان تعالى حقا واحدا أولا إذ لا نفس حيوانية ولا عقل مركب فيها ولا في غيرها ولا جوهر ولا عرض ولا عدد ولا معدود ولا رتبة من الرتب وأنه تعالى خلق النفوس بعد أن لم تكن وخلق العقول على ما هي عليه بعد أن لم تكن ورتب فيها الرتب على ما هي عليه بعد أن لم يكن شيء منها وأنه لو شاء أن يخلق العقول على غير ما هي عليه وأن يرتب الأمور فيها على خلاف ما رتبها لفعله ولما تعذر ذلك عليه ولكان حينئذ هو الحق والعدل والحكمة وما عداه الظلم والجور والعبث لا معقب لحكمه ومن ادعى غير هذا فقد ادعى أن رتبة العقل المجهول في النفس كانت موجودة إذ لا عقل ولا نفس وهذا عين التناقض والخبال والخلف والمحال ومن أنار الله تعالى عقله وسيره لأن يستضيء به وتصور له حدوث العالم بعد أن لم يكن أشرف على
صحة ما ذكرناه وأيقنه وشاهده وعلمه ضرورة ولم يكن عنه له محيد أصلا ومن أصحب الله تعالى نفسه والحيرة وتمييزه