قال كان القتال أثقل علينا في صدر الإسلام لقلتنا فلما كثر عددنا صار تركه أثقل قال أبو محمد ولو كان لهذا القائل علم بكيفيات الأسماء وحدود الكلام لم يأت بهذا الهذر ويقال له أخبرنا أزاد الناس حين نزول آية إيجاب القتال زيادة قووا بها قوة ثانية أكثر مما كانوا أم لا فإن قال لا نقص قوله وتبرأ منه وأخبر أن الحال بعد نزول هذه الآية الموجبة للقتال بعد أن كان غير واجب كالحال التي كانت قبل نزول إيجاب القتال وبطل ما قدر من التفاضل في القوة الموجبة لنزول إيجاب القتال وإن قال نعم جمع أمرين أحدهما أنه يقفو ما ليس له به علم ويكذب والثاني أنه لم يتخلص بعد من إلزامنا ويقال له لا بد أنه قد كان بين بلوغهم العدد الذي بلغوه حين نزول آية إيجاب القتال عليهم وبين نزول الآية وقت ما لا بد منه فقد كان العدد موجودا ولا قتال عليهم ثم نسخ بإيجاب القتال وأيضا فإنه ليس في المعقول أصلا ولا في الوجود عدد إذا بلغته الجماعة قويت على محاربة أهل الأرض كلهم وقد ألزم الله تعالى المسلمين إذا أمرهم بالقتال مجاهدة كل من يسكن معمور العالم من الناس والمسلمون يومئذ لم يبلغوا الألف وقد علم كل ذي عقل أنه لا فرق في القوة على محاربة أهل الأرض كلهم بين ألف وألفين وبين واحد واثنين وإنما ههنا نزول النصر فإذا أنزل الله تعالى على الإنسان الواحد قوي ذلك الواحد على محاربة أهل الأرض كلهم وعجزوا كلهم عنه كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {هههه المائدة ٦٧ وأيقنا بذلك لو بارزوه كلهم لسقطوا أمامه ولقدر على جميعهم
وقد قال بعض المخالفين لقولنا إن الصبر على القتال أثقل لذي النفس الآنفة
قال أبو محمد ويكفينا من الرد على هذه المقالة تكذيب الله عز وجل لها فإنه تعالى خاطب الصحابة رضي الله عنهم وهم آنف الناس نفوسا وأحماهم