واحتج من منع ذلك بقوله تعالى {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال لذين لا يرجون لقآءنا ئت بقرآن غير هذآ أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقآء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه لأننا لم نقل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدله من تلقاء نفسه وقائل هذا كافر وإنما نقول إنه عليه السلام بدله بوحي من عند الله تعالى كما قال آمرا له أن يقول {قل لا أقول لكم عندي خزآئن لله ولا أعلم لغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي لأعمى ولبصير أفلا تتفكرون} فصح بهذا نصا جواز نسخ الوحي بالوحي والسنة وحي فجائز نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن واحتجوا أيضا بقوله تعالى {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن لله على كل شيء قدير}
قالوا والسنة ليست مثلا للقرآن ولا خيرا منه قال أبو محمد وهذا أيضا لا حجة لهم فيه لأن القرآن أيضا ليس بعضه خيرا من بعض وإنما المعنى نأت بخير منها لكم أو مثلها لكم ولا شك أن العمل بالناسخ خير من العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ وقد يكون الأجر على العمل بالناسخ مثل الأجر على العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ وقد يكون أكثر منه إلا أن فائدة الآية أننا قد أمنا أن يكون العمل بالناسخ أقل أجرا من العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ لكن إنما يكون أكثر منه أو مثله ولا بد من أحد الوجهين تفضلا من الله تعالى لا إله إلا هو علينا وأيضا فإن السنة مثل القرآن في وجهين أحدهما أن كلاهما من عند الله عز وجل على ما تلونا آنفا من قوله تعالى {وما ينطق عن لهوى * إن هو إلا وحي يوحى} والثاني استواؤهما في وجوب الطاعة بقوله تعالى {من يطع لرسول فقد أطاع لله ومن تولى فمآ أرسلناك عليهم حفيظا} وبقوله تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} وإنما افترقا في ألا يكتب في المصحف غير القرآن ولا يتلى معه غيره مخلوطا به وفي الإعجاز فقط وليس في العالم شيئان إلا وهما يشتبهان من وجه ويختلفان من آخر لا بد من ذلك ضرورة ولا سبيل إلى أن يختلفا من كل وجه ولا أن يتماثلا