في وحي نزل ناسخا لسنة تقدمت فعمل بها النبي صلى الله عليه وسلم أن عمله هذا نسخ السنة الأولى لكان إذا عمل عليه السلام سنة فنسخ بها سنة سالفة له فعمل بها الناس إن عمل الناس نسخ السنة الأولى وهذا خطأ قال أبو محمد وهذا اعتراض صحيح والرسول صلى الله عليه وسلم مفترض عليه الانقياد لأمر ربه عز وجل فإنما الناسخ هو الأمر الوارد من الله عز وجل لا العمل الذي لا بد منه والذي إنما يأتي
انقيادا لذلك الأمر المطاع
قال أبو محمد فيقال لمن خالفنا في هذه المسألة أيفعل الرسول صلى الله عليه وسلم أو يقول شيئا من قبل نفسه دون أن يوحى إليه به فإن قال نعم كفر وكذبه ربه تعالى بقوله عز وجل {وما ينطق عن لهوى * إن هو إلا وحي يوحى} وبقوله تعالى آمرا له أن يقول {قل لا أقول لكم عندي خزآئن لله ولا أعلم لغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي لأعمى ولبصير أفلا تتفكرون} فلما بطل أن يكون فعله صلى الله عليه وسلم أو قوله إلا وحيا وكان الوحي ينسخ بعضه بعضا كانت السنة والقرآن ينسخ بعضها بعضا قال أبو محمد ومما يبين نسخ القرآن بالسنة بيانا لا خفاء به قوله تعالى {وللاتي يأتين لفاحشة من نسآئكم فستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في لبيوت حتى يتوفاهن لموت أو يجعل لله لهن سبيلا} ثم قال صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فكان كلامه صلى الله عليه وسلم الذي ليس قرآنا ناسخا للحبس الذي ورد به القرآن فإن قال قائل ما نسخ الحبس إلا قوله تعالى {لزانية ولزاني فجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين لله إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر وليشهد عذابهما طآئفة من لمؤمنين} قيل له أخطأت لأن هذا الحديث يوجب بنصه أنه قبل نزول آية الجلد لأنه بيان السبيل الذي ذكر الله تعالى وأمر لهم باستماع تلك السبيل وأيضا فإن في الحديث التغريب والجلد وليس ذلك في الآية التي ذكرت فالحديث هو الناسخ على الحقيقة لا سيما إذا كان خصمنا من أصحاب أبي حنيفة والشافعي أو مالك فإنهم لا يرون