فصار قولهم محالا ممتنعا مع كونه حراما أيضا لو كان ممكنا وقال تعالى {إنآ أرسلناك بلحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فبطل هذا أن تكون أمة وقتا من الدهر لم يتقدم فيهم نذير وقد كان آدم عليه السلام رسولا في الأرض وقال تعالى له إذ أنزله إلى الأرض {فأزلهما لشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا هبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في لأرض مستقر ومتاع إلى حين} فأباح تعالى الأشياء بقوله إنها متاع لنا ثم حظر ما شاء وكل ذلك بشرع وكذلك إذ خلقه في الجنة لم يتركه وقتا من الدهر دون شرع بل قد قال تعالى {وقلنا ياآدم سكن أنت وزوجك لجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه لشجرة فتكونا من لظالمين} فلم يخل قط وقت من الزمان عن أمر أو نهي قال علي ويقال لهم أيضا لو جاز أن نبقى دون شرع لكان حكمنا كحكمنا قبل أن نحتلم فإن الأمور حينئذ لا حكم لها علينا لا بحظر ولا إباحة ولا فرق بين كونهما كذلك قبل البلوغ بنصف ساعة وبين كونهما كذلك بعد البلوغ وكلا الأمرين في العقول سواء وما في العقل إيجاب الشرع على من احتلم وسقوطه عمن لم يحتلم وليس بين الأمرين إلا نومة لطيفة فبطل بهذا ما ادعوه من أن العقول فيها حظر شيء أو إباحته قبل ورود الشرع وموافاة الخطاب من الله عز وجل ولو كان كذلك للزم غير المحتلم كلزومه المحتلم إذ موجب العقل لا يختلف قال علي ويقال لمن قال لكل شيء مباح في العقل إلا الفكر أليس إقرار المرء بلسانه بالتثليث غير متبع له إنكارا كفرا من قائله فإن قال لا كفر وإن قال نعم قيل له صدقت وقد أباح الله تعالى الإعلان به دون اتباع أفكار لمن اضطر وخاف الأذى وقد أباح الله تعالى عند خوف القتل الكفر الصحيح الذي هو كفر في غير تلك الحال ولسنا نسألهم عن الكفر الذي هو العقد إنما نسألهم عن الكفر الذي هو النطق به فقط لأن بعضهم قال لم يبح الله تعالى قط الكفر لأن الكفر الذي هو العقد ولا خلاف بين من يعتد