لأنهم مجتهدون أخطؤوا ما عند الله عز وجل وهم مأمورون باستقبال
الكعبة ولكنهم غير ملومين ولا آثمين في ترك ذلك لأنهم معذورون بالجهل وهذا بين وبالله تعالى التوفيق وليس كذلك أهل قباء ومن كان بأرض الحبشة لأن فرضهم البقاء على ما بلغهم حتى ينتقل بلوغ النسخ إليهم قال أبو محمد وقد تبين بهذا ما قلناه في غير موضع من كتابنا أن المخطىء أفضل
عند الله من المقلد المصيب وكذلك قلنا في جميع العبادات فإن سأل سائل عن قولنا في الوكيل يعزله موكله أو يموت فينفذ الوكيل ما كان وكل عليه بعد عزله وهو يعلم أنه معزول أو بعد موت الذي وكله وهو لا يعلم بموته قلنا له وبالله تعالى التوفيق قال الله عز وجل {قل أغير لله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} وقال ٩ صلى الله عليه وسلم دماؤكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام فكل أمر انفذه الوكيل بعد عزله وهو غير عالم فنافذ لأن عازله ولا يعلمه مضار وقد قال صلى الله عليه وسلم من ضار أضر الله به فهو منهي عن المضارة وأما ما أنفذ بعد موت موكله وهو عالم أو غير عالم فهو مردود منسوخ لأنه كاسب على غيره بغير نص ولا إجماع ولا يجوز القياس أصلا ولكل حكم حكمه وليست هذه الأمور بابا واحدا فيستوي الحكم فيها إلا أن يكون وكله على دفع وديعة أو دين أو حق لآخر فهذا نافذ عزله أو علم الوكيل أنه عزله أو أنه مات أو لم يعلم لأن الذي فعل حق للمدفوع إليه لا للدافع فليس كاسبا على غيره بل فعل فعلا واجبا على كل أحد أن يفعله أمر بذلك أو لم يؤمر لأنه قيام بالقسط قال الله تعالى {يا أيها لذين آمنوا كونوا قوامين بلقسط شهدآء لله ولو على أنفسكم أو لوالدين ولأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فلله أولى بهما فلا تتبعوا لهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن لله كان بما تعملون خبيرا} وقال تعالى {يا أيها لذين آمنوا لا تحلوا شعآئر لله ولا لشهر لحرام ولا لهدي ولا لقلائد ولا آمين لبيت
لحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن لمسجد لحرام أن تعتدوا وتعاونوا على لبر ولتقوى ولا تعاونوا على لإثم ولعدوان وتقوا لله إن لله شديد آلعقاب} ومن البر إيصال كل أحد حقه وأما القاضي والأمين يعزله الأمير فليس للإمام أن يضيع أمور المسلمين فيبقيهم دون من ينفذ أحكامهم لكن يكتب أو يوصي إلى القاضي أو الوالي