لو أراد بعض أولي الأمر دون بعض لبينه لنا ولم يدعنا في لبس فوجب ما قلناه من حمل الآيتين على عمومهما فنقول إن أولي الأمر منا وإذ هذا هو الحق فمن الباطل المتيقن أن يقول قائل إن الله تعالى أمرنا بقبول طاعة الأمراء العلماء فيما لم يأمر به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فصح أن طاعة العلماء الأمراء إنما تجب علينا فيما أمرنا به مما أمر الله به تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقط وأما قولهم إن الله تبارك وتعالى لو أراد هذا لاكتفى بالأمر بطاعة الرسول عليه السلام على أن يذكر تعالى أولى الأمر فكلام فاسد لأنه يقال لهم إن قلتم إن ذكره تعالى طاعة أولي الأمر منا فيما قالوا برأي أو قياس لا فيما نقلوه إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قد أغنى أمره تعالى بطاعة الرسول عن تكراره فيلزمكم سواء بسواء أن تقولوا أيضا إن أمره تعالى بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أمره بطاعة نفسه عز وجل دليل على أنه عز وجل إنما أمرنا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قاله من عند نفسه لا فيما أتانا به من عند ربه عز وجل إذ قد أغنى أمر بطاعة نفسه عن تكراره لا فرق بين القولين فإن أبيتم من هذا ظهر تناقضكم وتحكمكم بالباطل بلا برهان وإن جسرتم وقلتموه أيضا كنتم أتيتم بعظائم مخالفة للقرآن وللرسول عليه السلام وللإجماع المتيقن إذ جوزتم أن يأتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بشرائع لم يوح الله تعالى بشيء منها إليه قط والله تعالى قد أكذب هذا القول إذ أمره أن يقول {قل لا أقول لكم عندي خزآئن لله ولا أعلم لغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي لأعمى ولبصير أفلا تتفكرون}
وإذ يقول عز وجل مخبرا عنه صلى الله عليه وسلم {وما ينطق عن لهوى * إن هو إلا وحي يوحى} فأخبر تعالى عن أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق البتة إلا بوحي يوحى إليه وأنه لا يتبع البتة إلا ما يوحي الله تعالى