حقا بدخول إنسان فيه وهذا باطل متيقن ليست هذه صفة الدين بل الباطل باطل وإن دخل فيه آلاف فصح بلا شك أنه لم يرد الدين ولا عموم التوحيد بكل حال فقد صح أنه إنما عنى خاصا من الأحوال بلا شك فإذا ذلك كذلك فلا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد حال كذلك إلا بنص صحيح عنه بذلك وإن الناسب إليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقل كاذب عليه وقد أخبر عليه السلام أنه من كذب عليه فليتبوأ مقعده من النار فإذا كان الأمر كما قلنا يقينا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي أن يسافر المرء وحده وفي تلك الأخبار أنفسها لا
ينفرد رجل مع امرأة فإن الشيطان ثالثهما فنحن على يقين من أنه ههنا نهي عن الوحدة وأن الشيطان ههنا مع الواحد فإن كان اثنين فقد خرج عن النهي وبعد الشيطان عنهما فبطل التعلق بتلك الآثار فيما ذهب إليه من ذهب وأن خلاف الواحد لا يعد خلافا واعلموا أنه لا يمكن البتة للحنفيين ولا المالكيين ولا الشافعيين أن يحتجوا بشيء
من ذلك الأثر لأن خلاف الواحد عندهم خلاف إلا من شذ منهم من مذاهب أصحابه وقد قلنا إننا أخرجنا لكل واحد من أبي بكر ومالك والشافعي مئين من المسائل انفرد كل واحد منهم بقوله فيها عن أن يعرف أحد قبله قاله بذلك القول وبرهان ضروري أيضا هو أنه قد بينا أن له لو صح ذلك القول عن النبي صلى الله عليه وسلم لعلمنا أنه لم يرد بذلك الدين أصلا لأن اليهود والنصارى والمجوس والملحدين ثم الرافضة والمعتزلة والمرجئة والخوارج جماعات عظيمة فالشيطان بعيد عنهم ومجانب لهم لأنهم أكثر من واحد يأبى الله تعالى هذا وتالله ما عش الشيطان ولا بحبوحته إلا فيهم وبلا شك أن أهل الباطل كلما كثروا فإن الشيطان أقوى فيهم منه مع المنفرد