للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد فبطل كل ما موهوا به ونحن ولله الحمد على ثقة من أن الله لو أراد أن يجعل إجماع أهل المدينة حجة لما أغفل أن يعين ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يفعل فنحن نثبت بأنه لم يجعل قط إجماعهم حجة على أحد من خلقه هذا لو صح وجود إجماع لهم في شيء من الأحكام فكيف ولا سبيل إلى وجود ذلك أبدا إلا حيث يجمع سائر أهل الإسلام عليه أو حيث نقل إجماعهم كلهم ورضاهم بذلك الحكم وتسليمهم لهم وإلا فدعوى إجماعهم كذب بحت على جميعهم ونعوذ بالله العظيم من مثل هذا قال أبو محمد وهذا مالك يقول في موطئه الذي رويناه عنه من طرق في كتاب البيوع منه في أوله في باب ترجمته العيب في الرقيق قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن باع عبدا أو وليدة أو حيوانا بالبراءة فقد برىء من كل عيب إلا أن يكون علم في ذلك عيبا فكتمه فإن كان علم في ذلك عيبا فكتمه لم تنفعه تبرئته وكان ما باع مردودا عليه قال أبو محمد والذي عليه العمل عند أصحابه ومقلديه من قوله هو أن حكم الحيوان مخالف لحكم الرقيق وأن بيع البراءة لا يجوز البتة في الحيوان لكنه كالعروض لا يبرأ من عيب فيه علمه أو لم يعلمه قال أبو محمد فإذا كان عند هؤلاء المجرمين إجماع أهل المدينة إجماعا لا يحل خلافه وهذا مالك ههنا قد خالف ما ذكر أنه الأمر المجتمع عليه عندهم فلا بد ضرورة من أحد حكمين لا ثالث لهما أما إبطال تهويلهم بإجماع أهل المدينة وبخلافه وجواز مخالفته وإما أن يلحقوا بمالك الذي قلدوه دينهم ما يلحق مخالف الإجماع الذي يقر أنه إجماع وهذا صعب ممن خالف ما يقر أنه إجماع وفي هذا كفاية لمن له

أدنى عقل ومن أراد الله تعالى توفيقه قال أبو محمد والقوم كما ترى يموهون بإجماع أهل المدينة فإن حقق عليهم لم يحصلوا من جميع أهل المدينة ومن إجماعهم إلا على ما انفرد به سحنون

<<  <  ج: ص:  >  >>