بأدائها وإن كان عز وجل لم يرد كون ما لم يكن منها ولا حجة لنا على الله تعالى بل لله الحجة البالغة فلو شاء الله لهداكم أجمعين ووجدناهم أيضا قد أجمعوا على أن الوصايا أوعاد يعدها الموصي ثم يختلفوا أن له الرجوع عنها إن شاء إلا العتق فإنهم قد اختلفوا في جواز الرجوع عنه
وهذا كله رجوع منهم إلى قولنا وتناقض في قولهم وأما نحن فلم نجز الرجوع في العتق في الوصية لأنه عقد حض الله تعالى عليه وغبط به وما كان هكذا فلا يجوز الرجوع فيه لأنه عقد قد لزم إذا التزمه فلا يسقط إلا بنص ولا نص في جواز الرجوع فيه والعتق المؤجل جائز بخلاف الهبات المؤجلة وسائر العقود المؤجلة لأن التأجيل شرط فلا يجوز إلا ما في كتاب الله تعالى فلما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر ولم ينكر التدبير صح أن العتق إلى أجل شرط في كتاب الله تعالى فهو نافذ لازم لا رجوع فيه بخلاف سائر العقود المؤجلة التي لا نص في إجازتها وأما الكلام في قوله صلى الله عليه وسلم كان منافقا خالصا وكانت فيه خصلة من النفاق فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل فيه إنه يكون كافرا والمنافق أصله من نافقاء اليربوع وهو باب يعده اليربوع في جحره مخفيا مغطى بالتراب فلما كان المسر للكفر المظهر للإيمان يبطن غير ما يظهر سمي منافقا لما ذكرناه فليس كل منافق كافرا إنما المنافق الكافر الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان وأما من أسر شيئا ما وأظهر غيره ففعله نفاق وليس كفرا وهو بذلك الفعل منافق لا كافر فلما كان من إذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان يسرون خلاف ما يظهرون