فأما وجوه البيان التي ذكرنا من التفسير والاستثناء والتخصيص فقد يكون بالقرآن للقرآن وبالحديث للقرآن وبالإجماع للقرآن وقد يكون بالقرآن للحديث وبالحديث للحديث وبالإجماع المنقول للحديث
وقولنا الحديث إنه انما نعنى به الأمر والفعل والإقرار والإشارة فكل ذلك يكون بينانا للقرآن ويكون القرآن بيانا له وإنما فرقنا آنفا بين التخصيص والاستثناء وبين النسخ لأنه قد تيقنا وجوب طاعة الله عز وجل ورسوله عليه السلام علينا فحرام علينا الخروج عن طاعتهما في شيء مما امر به أو أن نقول في شيء مما ألزمنا إنه منسوخ ساقط بعد وجوبه إلا ببيان جلي لا شك فيه وإذا وجدنا لحكم سقط بعضه بالاستثناء أو التخصيص فنحن على يقين من أنه لا يلزمنا فلا يحل لأحد أن يقول إنه لزم ثم سقط فيكون قد قفا ما ليس له به علم وقال بشك لا بيقين وذلك حرام ولا يجوز بأن نقول بأن الحكم كذا لزمنا إلا بيقين ولا يسقط بعد لزومه إلا بيقين فلهذا قلنا بالفرق المذكور بين النسخ وبين الاستثناء والتخصيص لأننا إذا قلنا في ذلك إنه نسخ فقد اقررنا أنه لزم ثم سقط وهذا لا يحل قوله إلا بيقين وبالله تعالى التوفيق ومما خص من القرآن بالقرآن قوله تعالى إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فاستثنى تعالى الأزواج وملك اليمين من جملة ما حظر من إطلاق الفروج ثم خص تعالى الجمع بين الأختين وبين الأم والابنة والربيبة الزانية والحريمة بالقرابة والشركة بالقرآن وخص الحريمة بالرضاع بالسنة والذكور والبهائم والأمة المشركة بالإجماع المأخوذ من معنى دليل النص الثابت لا يحتمل إلا وجها واحد بالحظر من جملة المباح بملك اليمين فإن قال قائل لا يجوز أن يبين القرآن إلا بالسنة لأن الله تعالى يقول وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم قيل له وبالله تعالى التوفيق