من ذكرنا لكن يجتهد هذا على حسب ما يطيق في البحث عما نابه من نص الكتاب والسنة ودلائلهما ومن الإجماع ودلائله ويلزم هذا إذا سأل الفقيه فأفتاه أن يقول له من أين قلت هذا فيتعلم من ذلك مقدار ما انتهت إليه طاقته وبلغه فهمه وأما المنتصبون لطلب الفقه وهم النافرون للتفقه الحاملون لفرض النفار عن جماعتهم المتأهبون لنذارة قومهم ولتعلم المتعلم وفتيا المستفتي وربما للحكم بين الناس ففرض عليهم تقصي علوم الديانة على حسب طاقتهم ومن أحكام القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ورتب النقل وصفات النقلة ومعرفة السند الصحيح مما عداه من مرسل ضعيف هذا فرضه اللازم له فإن زاد إلى ذلك معرفة الإجماع والاختلاف ومن أين قال كل قائل وكيف يرد أقاويل المختلفين
المتنازعين إلى الكتاب والسنة فحسن وفرض عليه تعلم كيفية البراهين التي يتميز بها الحق من الباطل وكيف يعمل فيما ظاهره التعارض من النصوص وكل هذا منصوص في القرآن قال
تعالى {وما كان لمؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في لدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} فهذا إيجاب لتعلم أحكام القرآن وأحكام أوامر النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذين أصل الدين وقال تعالى {يأيها لذين آمنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} فوجب بذلك تعرف عدول النقلة من فساقهم وفقهائهم ممن لم يتفقه منهم وأما معرفة الإجماع والاختلاف فقد زعم أن هذا يجب بقوله تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} قال ففرض علينا معرفة ما اتفق عليه أولو الأمر منا لأننا مأمورون بطاعتهم ولا يمكننا طاعتهم إلا بعد معرفة إجماعهم الذي يلزمنا طاعتهم فيه وأما معرفة الاختلاف ومعرفة ما يتنازعون فيه ومعرفة كيفية الرد إلى الكتاب والسنة فبقوله تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} ففرض علينا معرفة ما يتنازعون فيه ومعرفة كيف يرد ذلك