رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد صح عنده وجوب الحكم بقول تلك الأمة السوداء والخبر إذا صح عند الحاكم والشهادة إذا ثبتت عنده لزمه أن يحكم بهما فإن قال قائل لم يكن ذلك من قول الأمة السوداء شهادة لوجهين أحدهما أنه لم تؤد ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أخبرت بذلك عقبة بن الحارث وليس حكم الشهادة إلا أن تؤدى عند الحاكم والوجه الثاني أنه صلى الله عليه وسلم قد قال إن شهادة المرأة نصف شهادة رجل فلا سبيل إلى تعدي هذه القضية ولا إلى أن تكون شهادة المرأة كشهادة رجل فكيف أن تكون كشهادة رجلين ولا سبيل إلى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عقبة بأن يدع زوجه وينهاه عنها بالظن الذي قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكذب الحديث هذا ما لا يظنه مسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في الفراق بين الزوجين الذي عظمه الله تعالى بقوله عز وجل واصفا للسحرة {وتبعوا ما تتلوا لشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن لشياطين كفروا يعلمون لناس لسحر ومآ أنزل على لملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين لمرء وزوجه وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن لله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن شتراه ما له في لآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} فإذ قد بطل أن يكون حديث الأمة السوداء شهادة أو حكما بالظن فلم
يبق إلا أنه خبر صدقه النبي صلى الله عليه وسلم وعلم صحته فقضى به قيل له أما قولك لم تؤده عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أدى شهادتهما بذلك وقولها إليه صلى الله عليه وسلم الثقة وهو المقول له ذلك وشهادة واحدة على شهادة واحدة عندنا جائزة وأما قولك أنه صلى الله عليه وسلم قال شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فنعم وهو صلى الله عليه وسلم القائل لما ذكرت وهو القائل لعقبة بن الحارث دعها عنك فهو صلى الله عليه وسلم أمره بفراقها بشهادة السوداء فالمرأة الواحدة مقبولة في هذا المكان بهذا الحديث وأما
في سواه فامرأتان مقام رجل بالنص الآخر الذي ذكرت ولا يحل ترك أحدهما للآخر هذا على أن المالكيين الحاكمين باحتياط وقطع الذرائع في العظائم التي لم يأذن بها الله تعالى لا يحكمون بقول امرأة لزوج وامرأته إني قد