للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد وهذا لو أتى من وجه صحيح لما كان لهم فيه متعلق لأنه إنما يكون إثبات إجماع المسلمين فقط لأنه لم يقل ما رآه بعض المسلمين حسنا فهو حسن وإنما فيه ما رآه المسلمون فهذا هو الإجماع الذي لا يجوز خلافه لو تيقن وليس ما رآه بعض المسلمين بأولى بالاتباع مما غيرهم من المسلمين ولو كان ذلك لكنا مأمورين بالشيء وضده وبفعل شيء وتركه معا وهذا محال لا سبيل إليه ثم يقال لهم ما معنى قولكم الاستحسان في هذه

المسألة وجه كذا فجوابهم في ذلك أحد جوابين أحدهما ما كانوا عليه فيما قارب عصر أبي حنيفة ومالك وهو الذي يرونه أحوط أو أخف أو أقرب من العادة والمعهود أو أبعد من الشناعة وهذا كله بالجملة راجع إلى ما طابت عليه أنفسهم وهذا باطل بقوله تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى لنفس عن لهوى * فإن لجنة هي لمأوى} {ومآ أبرىء نفسي إن لنف ٤ س لأمارة بلسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم}

وبقوله تعالى {بل تبع لذين ظلموا أهوآءهم بغير علم فمن يهدي من أضل لله وما لهم من ناصرين} وقال تعالى {فإن لم يستجيبوا لك فعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغير هدى من لله إن لله لا يهدي لقوم لظالمين} وفي هذه الآي إبطال أن يتبع أحد ما استحسن بغير برهان من نص أو إجماع ولا يكون أحد أحوط على العباد المؤمنين من الله خالقهم ورازقهم وباعث الرسل إليهم والاحتياط كله اتباع ما أمر الله تعالى به والشناعة كلها مخالفته ولا مني لما نافرته قلوب لم تعتده وهذا كله ظنون فاسدة لا تجوز إلا عند من لم يتمرن بمعرفة الحقائق ولا حسن إلا ما أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم أو أباحاه ولا قبيح ولا شنيع

<<  <  ج: ص:  >  >>