فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وإن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات فإنما أمره بالتورع والطلب فقط وأما الرواية عن عمر فإن فيها نصا تخييره بين اجتهد رأيه أو الترك ورأى الترك خيرا له فصح أنه لم ير القول بالرأي حقا لأن الحق
لا خيار في تركه لأحد ثم هم مخالفون لما فيه أيضا مما ذكرنا من أنهم لا يبدؤون بالطلب في القرآن كما في ذلك الخبر ثم بالسنن بل يتركون القرآن لما يصح من السنن ولما لا يصح وهذا خلاف أمر عمر في ذلك الخبر فكيف يحتجون بشيء هم أول مخالف له هذا مع أن ظاهر ذلك الخبر الانقطاع وأما خبر عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس فليس فيه أن ابن عباس أخبر
بذلك عن نفسه ولا أنه أمر به فإذا هو ظن من عبيد الله والثابت عن ابن عباس النهي عن تقليد أبي بكر وعمر ثم قصة خالفوا فيها ابن مسعود وعمر وابن عباس فلو صح هذا عنهم لكان كبعض ما خالفوهم فيه فليس بعض حكمهم أولى بالتقليد من بعض مثل ما صح عن عمر وابن مسعود وابن عباس من القول بأن من تسحر يرى أنه ليل فإذا به نهار فصومه تام ومثل قضائهم ثلاثتهم في اليربوع جفرة ومثل هذا كثير وأما ما رووه عن بعض الصحابة من الفتيا بالرأي فإنما أفتى منهم من أفتى برأيهم على سبيل الإخبار بذلك أو الصلح لا على أنه حكم بات ولا على أنه لازم لأحد فقال خصومنا إنما ذموا الرأي الذي يحكم به على غير أصل وأما الذي حكموا به فهو الرأي المردود إلى ما يشبه من قرآن أو سنة فقلنا لهم هذه دعوى منكم فإن وجدتم عن أحد منهم تصحيحا فلكم مقال وإلا فقد كذبتم عليهم فنظرنا فلم نجد قط عن أحد من الصحابة كلمة تصح تدل على الفرق بين رأي مأخوذ عن شبه لما في القرآن والسنة وبين غيره من