تعالى {حرمت عليكم لميتة ولدم ولحم لخنزير ومآ أهل لغير لله به ولمنخنقة ولموقوذة ولمتردية ولنطيحة ومآ أكل لسبع إلا ما ذكيتم وما ذبح
على لنصب وأن تستقسموا بلأزلام ذلكم فسق ليوم يئس لذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم لأسلام دينا فمن ضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم} وقوله تعالى {لطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ آتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود لله فإن خفتم ألا يقيما حدود لله فلا جناح عليهما فيما فتدت به تلك حدود لله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود لله فأولئك هم لظالمون} وقوله تعالى {وأطيعوا لله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وصبروا إن لله مع لصابرين} يبطل هذا الوجه الفاسد ويوجب أن ما كان حراما حينئذ فهو حرام إلى يوم القيامة وما كان واجبا يومئذ فهو واجب إلى يوم القيامة وما كان حلالا يومئذ فهو حلال إلى يوم القيامة
وأيضا فلو كان هذا لكنا إذا أخذنا بقول الواحد منهم فقد تركنا قول الآخر منهم ولا بد من ذلك فلسنا حينئذ متبعين لسنتهم فقد حصلنا في خلاف الحديث المذكور وحصلوا فيه شاؤوا أو أبوا ولقد أذكرنا هذ مفتيا كان عندنا بالأندلس وكان جاهلا فكانت عادته أن يتقدمه رجلان كان مدار الفتيا عليهما في ذلك الوقت فكان يكتب تحت فتياهما أقول بما قاله الشيخان فقضى أن ذينك الشيخين اختلفا فلما كتب تحت فتياهما ما ذكرنا قال له بعض من حضر إن الشيخين اختلفنا فقال وأنا أختلف باختلافهما قال أبو محمد فإذ قد بطل هذان الوجهان فلم يبق إلا الوجه الثالث وهو أخذ ما أجمعوا عليه وليس ذلك إلا فيما أجمع عليه سائر الصحابة رضوان الله عليهم معهم وفي تتبعهم سنن النبي صلى الله عليه وسلم والقول بها وأيضا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمر باتباع سنن الخلفاء الراشدين لا يخلو ضرورة من أحد وجهين إما أن يكون صلى الله عليه وسلم أباح أن يسنوا سننا غير سننه فهذا ما لا يقوله مسلم ومن أجاز هذا فقد كفر وارتد وحل دمه وماله لأن الدين كله إما واجب أو غير واجب وإما حرام وإما حلال لا قسم في الديانة غير هذه الأقسام أصلا فمن أباح أن يكون للخلفاء الراشدين سنة لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أباح أن يحرموا شيئا كان حلالا على عهده صلى الله عليه وسلم إلى أن مات أو أن يحلوا شيئا حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن يوجبوا فريضة لم يوجبها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن يسقطوا فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه