هذا الشغب في الله عز وجل إذ لا سبيل لأحد إلى مكالمته تعالى فبطل هذا الظن وصح أن المراد بالرد المذكور في الآية التي نصصنا إنما هو إلى كلام الله تعالى وهو القرآن وإلى كلام نبيه صلى الله عليه وسلم المنقول على مرور الدهر إلينا جيل بعد جيل قال علي وأيضا فليس في الآية المذكورة ذكر للقاء ولا مشافهة أصلا ولا دليل عليه وإنما فيه الأمر بالرد فقط ومعلوم بالضرورة أن هذا الرد إنما هو تحكيم وأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم موجودة عندنا منقول كل ذلك إلينا فهي التي جاء نص الآية بالرد إليها دون تكلف تأويل ولا مخالفة ظاهر قال علي والقرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض وهما شيء واحد في أنهما من عند الله تعالى وحكمها حكم واحد في باب وجوب الطاعة لهما
لما قدمناه آنفا في صدر هذا الباب قال تعالى {يأيها لذين آمنوا أطيعوا لله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون * ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} فبين تعالى بهذه الآية أنه لم يرد منا الإقرار بالطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلا عمل بأوامره واجتناب نواهيه وهذه صفة المقلدين فإنهم يقولون طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة فإذا أتاهم أمر من أوامره يقروه بصحته لم يصعب عليهم
التولي عنه وهم يسمعون نعوذ بالله من ذلك وقال تعالى {إنا نحن نزلنا لذكر وإنا له لحافظون} وقال تعالى {قل إنمآ أنذركم بلوحي ولا يسمع لصم لدعآء إذا ما ينذرون} فأخبر تعالى كما قدمنا أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي والوحي بلا خوف ذكر والذكر محفوظ بنص القرآن فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء إذ ما حفظ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء فهو منقول إلينا كله فلله الحجة علينا أبدا وقال تعالى